قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) [النحل:18]، كما قال النبّي صلى الله عليه وسلم: (تداوَوا عبادَ اللَّهِ فإنَّ اللَّهَ سبحانَهُ لم يضع داءً إلَّا وضعَ معَهُ شفاءً) [صحيح ابن ماجة]. فقد خلق الله عز وجل لكل داء دواءً، بل وجعل لكل مرض شفاءً، كما بيّن النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً أنّ صحةَ البدن مقصد من مقاصد الإسلام.
الصحّة في الإسلام بفهومها الواسع تتضمّن جميع معاني الاستواء والتوازن، وفي مفهومها الشامل تستوعب كامل حياة الإنسان من حيث الجسم، والروح، والعقل، والسلوك، والخلق، والفطرة، فالفرد هو اللبنة الأولى للحياة الإنسانيّة، حيث يحظى بقدر كبير من الاهتمام في الدين الإسلامي لينشأ سليماً صحيحاً.
يحرص الإسلامُ بشكل كبير على أن يتمتع المسلمُ بالصحّة النفسيّة والجسميّة السليمة، فبهذه الصحّة يستطيع الإنسان القيام بالعبادة وعمل الخير سواءً لنفسه، أو لأهله، أو لأمته، بل يكون قادراً على إعمار الأرض، ولذلك فقد شرع الإسلام الآدابَ الصحيةَ والطرق والوسائلَ الوقائية، وفرض على المسلم النظافة والطهارةَ، وهما عماد الصحّة، كما حَض على التداوي والتطبب.
مظاهر عناية الإسلام بالصحّةإهتم الإسلام بالصحّة، حيث وَضع لها الوسائلَ والطرق الوقائيّة، وأساليب العلاج، من أجل المحافظةِ على الصحّة، وتلافي الأمراضِ قبل الإصابة بها، فالنظافةُ في الإسلام هي عبادة وقُربة إلى الله، بل تعتبر فريضة من الفرائض، فكتب الشريعةِ الإسلاميّة غالباً ما تبدأ بباب "الطهارة" والمقصود بها النظافة، فهي أول ما يتم تعليمه للمسلمين من فقه الإسلام، كون الطهارةَ هي مفتاح العبادة اليوميّة، ألا وهي الصلاة، حيث لا تصحّ الصلاةِ إلا بالوضوء والطهارة ونظافة الثياب والأبدان والمكان من أي شيء نجس أو قذر، لقوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ) [المائدة:6].
من مظاهر اهتمام الإسلام بالصحّة أيضاً تحريمه المسكرات، والمفترات، والمخدرات، وغيرها ممّا يُضر بالصحّةِ ، كما حرَّم إرهاق الأبدان بالعمل اليومي والجوع والسهر.
كما حث الإسلام على العمل والحركة والنشاط، وحذَّرَ من الكسل والتباطؤ، ودعا إلى الرياضة خاصّة رياضة الرماية والسباحة وركوب الخيل. حذَّر النبّي عليه الصلاة والسلام من كشف أواني الطعامِ والشرابِ وتركها مكشوفةً للهواء أو الحشرات التي تنقل الأمراض، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (غطوا الإناء ، وأوكوا السقاء) [صحيح مسلم]، كما نهى عليه الصلاة والسلام عن عدم التنفس في الماء عند الشرب وذلك بقوله: (إذا شرِبَ أحدُكم فلا يتَنفَّسْ في الإناءِ) [صحيح البخاري]. وكما قال الله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195].
المقالات المتعلقة بما هو مفهوم الصحة في الإسلام