إن المسلم هو من يهتدي بما انزل الله من تشريعات، ويلتزم ما أمره من أوامر ويجتنب ما نهاه من نواهي ومحرمات والتي لربما إن مات عليها تهوي به في نار جهنم، وقد انزل الله قرأن مفصل لكل ما ينظم حياة الإنسان ، فهو محكم البيان لما فيه من أوامر ونواهي، كما يتصف بالديمومة المطلقة فهو صالح لكل زمان ومكان، ولعل ابرز ما انزل إليه هذا الكتاب لتحقيق مبادئ الحياة السامية وتحقيق السعادة المطلقة للبشر بعيدا عن المكدرات والممغسات والاعتقادات المبنية على تحقيق المنفعة الدنيوية.
إن الله عز وجل كرم الإنسان في النطق والبيان وجعله مخيرا في كافة أفعاله، وهذا هو الأصل في الفعل، لان الإنسان قد يوظف أفعاله في مسار الخير أو الشر، وهناك اختلاف جامح بين أحسن الحديث ولهو الحديث، ولهو الحديث كما قال الله سبحانه وتعالى (﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، ويعرف اصطلاحا وهوكل كلام يلهي القلب ويضيع الوقت دون أي منفعة، ولا يأتي بخصال حسنة واثره مذموم يتعارض مع السبب الذي خلق الانسان من اجله وهو الاستخلاف في الأرض).
ويكمن الإختلاف في المعنى بين لهو الحديث وأحسن الحديث، وأما الأول فهو الكلام الذي يضل قلب صاحبه عن ذكر الله دون قصد (والمقصود بها توجيه جوارح الإنسان بالاتجاه العكسي غير المتوارد)، وأما الثاني من الأقوال فهو التطبيق العملي لمعنى الاستخلاف وتوجيه الجوارح بالاتجاه الصحيح، مما تكفل لصاحبها الحياة الطيبة وملاقاة الله بقلب سليم، فعلى سبيل المثال لو أقدم إنسان على امتحان، وكان هنالك كتاب مقرر، وانه يعلق آماله على النجاح في هذا الامتحان، فهل سيؤثر الطالب قراءة قصة لا فائدة منها على هذا الكتاب؟!
وكذلك الحال بنسبة للقران الكريم وهو سر النجاح في الدنيا والآخرة وهذا هو أصل الاجتهاد، عكس بما يعرف باللهو وهو الانشغال بالخسيس عن النفيس، وهي ذات معنى مذموم.
ويرجح الكثير من العلماء إن لهو الحديث انه كل قول لا يصب في مصلحة المسلم كانسان مستخلف في الأرض ليقوم بعمارتها بالخير والعدل والإصلاح في شتى جوانب الحياة.
ويحمل مصطلح "لهو الحديث" قي مجمله معاني عدة فهو الجدال في جزئيات الدين والخوض بها، أيضا في القضايا التي لا يجدي النقاش بها نفعا، وهو أيضا كل ما لم يشمله الكتاب والسنة وسيرة الصالحين، وقد ينشب عن الهو العديد من الخلافات، التي يعود اثرها في تقسيم المجتمع إلى فئات وطوائف، حيث اراد الله منها الإيجاز ولكنهم جادلوا بل أكثروا الجدال فيها، فهاموا في بحور تنزوي عن مجمل ما فصله الله ورسوله في الكتاب والسنة، فنجد كثيرا من الناس يجادلون في سبب تعداد النّساء أو طبيعة خلق ادم عليه السلام وغيرها من المساءل الدينية.
ومن الأمثلة على لهو الحديث التفرّغ لكتب العلمانية والاشتراكية والتحدث عن الغزل والإفتخار، والقصص الرديئة والتي لا تحقق أي منفعة، وقد اقسم ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما،أنّ لهو الحديث هو الغناء.
المقالات المتعلقة بما هو لهو الحديث