منذ قديم الزّمن وقد كان منتشراً لدينا في الوطن العربي خاصّة زواج الأقارب، والذي لم يحرّمه الإسلامه ولم ينهى عنه، لكنّ رسولنا الكريم قال: "تخيّروا نطفكم". وفي هذا الحديث إشارة إلى ضرورة حسن اختيار النّسب والنطف، لما لها من تأثير مستقبليّ على الأجيال فيما بعد. ولو أردنا التوسّع في الموضوع أكثر لوجدنا حكمة أبلغ، حيث أنّ الرسول كان واعياً لما يمكن من زواج الأقارب أن يسببه من مشاكل وأمراض وراثيّة منقولة من جيل لجيل.
تنتقل الكثير من الأمراض من الوالدين لأطفالهم وراثيّاً، ولذلك يجب الحرص على اختيار شريك الحياة المناسب لتجنّب هذه المشكلة. ومن أكثر الأمراض الوراثيّة التي تنتقل عن طريق الجينات مرض "فقر الدّم المنجلي"، فما هو هذا المرض؟ وما هي أعراضه؟
مرض فقر الدّم المنجلي أو ما يسمّى "الأنيميا المنجليّة"، هي أحد أمراض فقر الدّم الذي يصيب كريات الدّم الحمراء، وهو مرض وراثيّ ينتقل عن طريق الجينات من الأبوين في حال حملهما للمرض إو الإصابة به، وهو مرض شائع في دول آسيا، وإفريقيا، ودول البحر الأبيض المتوسّط. عندما يصاب الشخص بهذا المرض، فإنّ كريات دمه الحمراء تكون على شكل هلال أو منجل، ولا تعيش طويلاً وهذا يكون سبباً في فقر الدّم، حيث يكون الخلل في عمليّة صنع "الهيموغلوبين" . كما أنّ شكل كريات الدّم المنجليّة تتسبّب في زيادة إحتمال إلتصاق الكريات بالأوعية الدّمويّة، مما يؤدّي لسدّ مجرى الدّم، وإتلاف العضو.
أمّا أعراض المرض التي تدّل على الإصابه به، فهي شعور المريض بآلام شديدة من مناطق معيّنة في جسمه، كبطنه، ويديه، وأقدامه. كما يكون وجهه مصفرّاً وشاحباً، ويشعر بضيق النفس، والتعب والخمول العام، ويشعر أيضاً بآلام شديدة في عظامه، وتقرّحات في قدميه. كما يضاب المريض أيضاً يتورّم في يديه وأقدامه، ويعاني من اضطرابات في الرؤية. إلّا أنّ العارض الرئيس للمرض والذي يمكن الكشف عنه من خلال فحوصات الدّم، فهو فقر الدّم الشديد نتيجة موت خلايا الدّم الحمراء بعد مدّة قصيرة من إنتاجها.
قد تتطوّر حالة المريض وتحدث مضاعفات خطيرة للمرض، ومن أخطر المضاعفات حدوث إلتهابات قويّة في الكبد، وخطر الفشل الكلوي، وحدوث تضخّم وقصور في عمل الطّحال، وكما وتزيد إصابته بحصى المرارة، والتجلّطات سواء في العين أو الدّماغ أو القلب، وتعاني الرئتان من ارتفاع الضغط فيهما ممّا قد يسبّب فشلاً رئويّاً، وقد تزداد حدّة المرض لتسبّب الموت في النهاية.
بعد تشخيص المرض بعد عمل فحوصات عديدة في الدّم وأعضاء الجسم، يجب أن يتمّ مراجعة العلاك والإلتزام به حتّى لا تتطوّر الحالة، حيث هناك بعض الحالات التي تمّ تسجيل إصابتها بهذا المرض وقد عاشت طويلاً. ومن سبل علاج هذا المرض، أوّلاً إتخّاذ إجراءات إحترازية للسيطرة على المرض، كنقل الدّم الدائم، والحرص على تناول المكملّات الغذائيّة كحمض الفوليك أسيد، وتناول العقاقير الدوائيّة التي تسكّن الألم، والمضادات الحيويّة التي تحدّ من عدوى نقل البكتيريا للأطفال المصابين لتقوية جهاز المناعة، وتناول الأدوية التي تساعد في تعويض نقص الحديد في الدّم، وقد يضطر المريض لعلاج جراحي لزراعة نخاع عظميّ جديد. على المريض ايضاً أن يكون حريصاً في صحّة غذائه وغناه بالعناصر الغذائيّة المهمّة التي يحتاجها ليعوّض فقر الدّم، كالحديد، والفيتامينات، والفوليك أسيد، والكالسيوم، وغيره.
المقالات المتعلقة بما هو فقر الدم المنجلي