إنّ المُعَايِنَ بعينِ بَصِيرَتِهِ مقاصدَ الشريعة الإسلاميةِ بما يخصُ أحكام المرأةِ يَجِدُ الحرصَ الشديدَ على كرامَتِهَا ورعايَتِهَا وإرساء حقوقها التي هضمتها غَطْرَسَةُ الجاهلية؛ فالإسلام هو الّذي أعاد للمرأة حقوقها وكرامتها، وأصَّل لهذه الحقوق قبل تأصيل المواثيق الدولية التي تدعوا للدّفاع عن حقوق المرأة، والّتي جاوزت بذلك حداً أخرجها عن منحنى الطريق؛ لتعود إلى نقطة البداية، ولكن بشكل جديد؛ حيث أصبحت المرأة نتيجة الدعوات الهادمة باسم التحرّر -وما هي إلا عبوديّة جديدة للمرأة- سلعةً تجاريّةً تغطّي الإعلانات التجارية، وعواملَ جذبٍ في المَحَافلِ والمُقامات، ومحطُُّ نظر وشهوة الرجل أينما تعدَّدت مجالات وجوده؛ فَتَعَرَّت المرأة وتكشّفت، وخلعت لباس الحياء الفطري الّذي هو محطُّ جمالها؛ وذلك باسم كسر القيود والتحرُّر، وما عَلِمَتْ الغافلات أنّهنّ قد صفدن معاصمهنّ من غير أن تدرين.
مقاصد غطاء الوجهعاملت الشريعة الإسلامية المراةَ كأثمنِ جوهرة؛ فلا يمسُّها ولا ينظر إليها إلا من خُوِّلَ له ذلك، وهم: الزوج والمحارم، وهذا من باب الإشارة إلى أهمِّيتها ومكانتها، فَشُرِعَ غطاء الوجه كأحد الوسائل التي تحقّق تلك الغاية، مع ما يضيفه الغطاء من فوائدَ تعود على المرأة، فتعرف بأنَّها صاحبة عفّة؛ فلا تُؤْذَى حتى ولو بنظرة أو إيمائة، فما بالك بالتحرُّشِ الذي انتشر هذه الأيام؛ نتيجة التنازل عن هذه المظاهر التي تحمي المرأة.
حكم غطاء الوجهدار الخلاف الفقهي قديماً وحديثا حول وجوب غطاء الوجه، وذلك استناداً إلى أدلّة قطيعة الثبوت من كتاب الله وسنة رسوله؛ لذا فغطاء الوجه له أصل ثابت بالشرع، وليس عادةً كما يعتقد الكثير من الجهلةِ بالسنة؛ نتيجة قِلَةَ عِلْمِهِم واطّلاعهم وتَحَكُّمِ الهوى بهم وتأثيره على عقولهم، فهو ما بين الوجوب الذي يأثم تاركه، وما بين السنّة التي يثاب فاعلها ولا يأثم لتركها، ونظراً لقوّة الأدلة في أقوال الفريقين فإنًّ المسألة تقع تحت باب الشبهة؛ حيث يستدلّ الفريقان بنفس الأدلّة تقريبا على الوجوب وَعَدَمِهِ، فباتتِ الأدلَّةُ فيها غيرَ قطعيّةِ الدلالة على الوجوب؛ لذا فالواجب على المسلمة الحريصة على دينها وآخرتها، وتبغي أن تكون مُخْلَصَةً لزوجها ولا يهمُّها نظرُ غيرهِ إليها من الرجالِ أن تجتنب الشبهات، وتأخذ بالأعلى من الأحكام الفقهيّة إذا ما خُيِّرت بين الوجوب وعدمه بأن تختار الوجوب؛ فالدنيا دار ابتلاء وامتحان، نجاهد فيها أنفسنا لنَنَال ما عند الله، ونتأسَّى بمن سبقونا من الصحابة رضوان الله عليهم؛ ففي اتّباعهم نجاة وجُنَّةٌ.
وقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)؛ فليكن اتِبَاعُكِ أخية لمن سبقك من الصحابيّات اللواتي ما تركن غطاء وجوههن منذ نزول آيات الحجاب، كأمِّ المؤمنين الصدِّيْقَةُ العفيفة بنت الصدِّيق عائشة رضي الله عنهما.
المقالات المتعلقة بما هو غطاء الوجه