ما هو الربا

حرّم الله تعالى الرّبا وجعله من كبائر الذّنوب والموبقات التي تهلك صاحبها وتقرّبه إلى النّار، فالرّبا ذكر مع الشّرك بالله والسّحر وغيرها من الكبائر دلالةً على عظم إثمه عند الله تعالى، والرّبا لغةً من ربا الشّيء أي زاد، ويقال أرض رابية أي مرتفعة، أمّا اصطلاحاً وحسب تعريف العلماء له فهو مبلغٌ معيّن مخصوص لأحدٍ المتعاقدين بدون أن يكون مقابله عوض، وإنّ دليل تحريم الرّبا قد جاء في القرآن الكريم في مواضع كثيرة من بينها قوله تعالى ( وأحلّ الله البيع وحرّم الرّبا )، كما ورد ذكر تحريمه في السّنة النّبويّة المطهّرة، وقد كان النّاس في الجاهليّة يتعاملون بالرّبا فجاء الإسلام ليبطل تلك المعاملات كلّها ويستبدلها بالبيع والتّجارة الرّابحة التي يباركها الله تعالى.

إنّ علّة تحريم الرّبا تأتي لأنّ الرّبا يصنع الضّغينة والحقد بين النّاس حين يستغل الأغنياء المحتاجين والفقراء، كما أنّه يعطّل الحياة التّجاريّة؛ إذ يركن النّاس إلى تلك المعاملات الّتي تأتي بالمال من دون مقابل، وقد بيّن كثيرٌ من النّاس ضرر الرّبا حديثًا حتى قال أحد خبراء المال في العالم بأنّ تعافي الاقتصاد العالمي ونهوضه يكون في حالةٍ واحدة وهي أن تكون نسبة الفائدة على أموال البنوك تعادل صفرًا، فسبحان الله الّذي شرع للإنسان ما يصلح حاله.

وإنّ الرّبا المحرّم هو نوعان، وقيل ثلاثة أنواع وهي: ربا الفضل؛ حيث يحرّم أن يقوم إنسان بمبادلة إنسان آخر بشيء من نفس الجنس من دون أن يتساويان في المقدار والكميّة مثل الذّهب والفضّة والأموال النّقديّة، وهناك النّوع الثاني للرّبا وهو ربا النّسيئة: وهو الرّبا الذي عرفته الجاهلية قبل الإسلام، ومن صوره أن يقوم رجلٌ بإقراض رجلٍ آخر مالًا على أن يسدّده له أقساطاً شهريّة زائدة عن أصل المال، وإذا تأخّر المدين في التّسديد فإنّ الدّائن يأجّله بفائدةٍ جديدة على أصل المال، وهذا النّوع يطابق المعاملات الرّبويّة الّتي تتعامل بها البنوك التّجاريّة حديثًا، وهناك نوعٌ آخر يسمّى بربا القرض؛ حيث هو زيادةٌ على أصل القرض، وكلّ هذه الصّور صورٌ محرّمة للرّبا ومنهي عنها أشدّ النّهي.

وقد بيّن الله تعالى حال من يأكلون الرّبا في كتابه العزيز كحال من يتخبّطه الشّيطان من المسّ والعياذ بالله، فالأصل على المسلم أن يجتنب الرّبا، وأن يجتنب العمل في البنوك الرّبويّة الّتي تتعامل به، وأن يستبرئ لدينه وعرضه بالابتعاد عن الشّبهات دوماً.