إنّ الهمز واللّمز هما من صور الغيبة المحرّمة التي نهى عنها الشارع الحكيم، حيث جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: « أنّه قيل: يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه. » [رواه أبو داود، وصححه الألباني]، فالغيبة هي أن يذكر الإنسان أخاه بشيء يكرهه مما هو فيه، أمّا إن لم يكن فيه فهذا يعتبر من البهتان، وهو أشد حرمة من الغيبة نفسها، فالواجب على كل المسلمين الحذر من الغيبة والبهتان.
والهمز واللّمز - كما سبق - هما من صور الغيبة المحرّمة، وقد جاء ذكرهما في القرآن الكريم في قوله تعالى: { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) } [الهمزة: ١]، وفي قوله: { هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) } [القلم: 11]، يقول العلامة ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره للآية الأولى من سورة الهمزة: « الهماز بالقول واللماز بالفعل يعني يزدري الناس وينتقص بهم...، قال ابن عباس: همزه لمزه: طعان معياب، وقال: الربيع بن أنس: الهمزة يهمزه في وجهه، واللمزة من خلفه...، وقال مجاهد: الهمزة باليدين والعين واللمزة باللسان... » [تفسير القرآن العظيم / 8 - 481].
ويقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في تفسيره لنفس الآية السابقة: « ... فالهمز بالفعل، واللمز: باللّسان...، فالهمز بالفعل يعني أن يسخر من النّاس بفعله إمّا أن يلوي وجهه، أو يعبس بوجهه، أو بالإشارة يشير إلى شخص، انظروا إليه ليعيبه أو ما أشبه ذلك، فالهمز يكون بالفعل، واللّمز باللسان. » [تفسير القرآن الكريم / جزء عَمَّ].
يتبين مما سبق أن هناك ثلاثة اتّجاهات للتفريق بين الهمز واللّمز، وهي:
الاتّجاه الأول: أنّ الهمز: هو التكلّم على شخص معين بما يكره في وجهه، واللّمز: هو التكلم على شخص معين بما يكره سرًا من وراء ظهره.
والاتجاه الثاني: أن الهمز يكون بالقول، واللّمز بالفعل.
أما الاتجاه الثالث: فهو عكس الاتجاه الثاني، وهو أن الهمز: أن تعيبه بأفعالك عن طريق الإشارة بالعين أو الرأس أو الشفة، واللمز: هو أن تعيب شخصًا ما بالقول سواءً في وجهه أو من وراء ظهره.
والاتجاه في التفريق الذي أرجحه هو الاتجاه الثالث، والذي ينص على أن الهمز إنّما يكون بالأفعال، وأن اللمز بالأقوال. والله تعالى أعلم.
المقالات المتعلقة بما معنى الهمز واللمز