إن للفقه العديد من المعاني اللغوية، فيقول صاحب لسان العرب أن الفقه هو: « العلم بالشيء، والفهم له، وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم... »، ففي هذا التعريف بيان أن الفقه هو مطلق العلم والفهم بالشيء، بمعنى أنك إذا علمت أو فهمت شيئًا فقد فقهته، وقد بين صاحب التعريف السابق أن الفقه يغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله، وهذا الكلام صحيح، فمن المعروف أن الفقه غالبًا ما يُعنى به الفقه في الدين، فهذا ما جرى عليه العرف، وأن الذين لديهم فقهٌ في الدين يسمون بالفقهاء.
وعرفه مرة أخرى صاحب لسان العرب بمعنى الفطنة، والفطنة هي قوة الفهم، والبصيرة وبعد النظر والحذاقة.
وللفقه تعريف آخر رجحه بعض العلماء هو: الفهم الدقيق للشيء، وهذا التعريف هو التعريف الصائب والله أعلم.
ما سبق هو تعريف الفقه لغةً، أما تعريفه في الاصطلاح الشرعي، فهو كما عرفه الإمام الشافعي رحمه الله بأنه: « العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية. »، فالفقه في الدين هو أن يعرف الفقيه الحكم الشرعي لمسألة شرعية ما عن طريق النظر في الأدلة التفصيلية التي توجد في الكتاب والسنة.
والفقه الإسلامي يُعنى بأفعال المكلفين، من حيث مطالبة الشارع الحكيم لهم بها، فتكون هذه المطالبة إما فعلًا كالصلاة والصيام، أو تركًا كالكذب والسرقة والزنا، أو تخييرًا وهي الأمور المباحة للمكلف فله أن يفعلها أو يتركها. والمكلفون هم المسلمون البالغون الراشدون العاقلون، الذين تتعلق الأحكام الشرعية بأفعالهم.
وللفقه الإسلامي أصلان أساسيان وهما القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، والأصول الأخرى من إجماع وقياس وغير ذلك ترجع جميعها إلى الكتاب والسنة. وقد تطور الفقه الإسلامي ونشأ تدريجيًا ومر بعدة أطوار منذ بعثة النبي، فالطور الأول هو طور النبي صلى الله عليه وسلم، والطور الثاني هو طور الصحابة رضوان الله عليهم، وقد برز القياس في هذا الطور، والثالث هو طور التابعين الذي برز فيه القياس أكثر من الطور السابق، ثم جاء الطور الرابع وهو طور التدوين والأئمة المجتهدين، حيث ازدهر الفقه الإسلامي في هذا الطور، وبدأت المذاهب الفقهية الأربعة بالنشوء والتطور، وهذه المذاهب هي: المذهب الفقهي الحنفي، والمالكي والشافعي، والحنبلي، ونشأ في هذا الطور ما يعرف بـ (علم أصول الفقه) الذي يُعنى بالمناهج والقواعد التي تساعد الفقيه على استنباط الأحكام الفقهية، فعلم أصول الفقه هو الذي يساعد الفقيه على الوصول إلى فقه الأحكام التفصيلية من الكتاب والسنة. وهناك أطوار أخرى مر بها الفقه الإسلامي منها ما كان مزدهرًا، ومنها ما شاع فيه الجمود والتقليد.
ولو أردنا التفصيل في الكلام عن الفقه الإسلامي لطال الكلام وضاق المقام، فلذا نكتفي بهذه النبذة السريعة عنه، والتي سبقها الكلام عن تعريف الفقه في اللغة والاصطلاح الشرعي، ونسأل الله أن ينفع بما قدمنا، والحمد لله رب العالمين.
المقالات المتعلقة بما معنى الفقه