بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
لا بد قبل التفريق بين المؤمن والمسلم، من التفريق بدايةً بين الإيمان والإسلام؛ لأن هذا التفريق الأخير يُبْنى عليه التفريق الأول. فنقول وبالله التوفيق:
إن الإيمان في اللغة هو التصديق، ويأتي معناه في الاصطلاح الشرعي على وجهين، وهما:
أما الإسلام فهو في اللغة يعني الاستسلام والتسليم والطاعة والخضوع والانقياد. والإسلام كالإيمان يأتي في الاصطلاح الشرعي على وجهين، وهما:
وقد وضع العلماء قاعدة تساعد على التفريق بين الإيمان والإسلام؛ حتى لا يلتبس الأمر على البعض، وهي: أنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
فإذا اجتمع ذكر الإيمان والإسلام في نص واحد، وسياقٍ واحد في الكتاب أو السنة، افترق كلٌّ منهما في المعنى. مثال: الحديث الذي جاء فيه جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئة رجل شديد سواد الشعر، وشديد بياض الثياب، وسأله عن كلٍّ من الإسلام والإيمان والإحسان، فبين له الرسول معنى كلُّ واحد منها، وفَرَّقَ في المعنى بين الإسلام والإيمان.
أما إذا افترق الإيمان والإسلام؛ أي ورد كل منهما في نصٍّ شرعي مستقل، فهما في هذه الحالة مترادفان مجتمعان على معنىٍ واحد، ألا وهو: (الدين كله من أقوال وأفعال وعقائد وغيرها). مثال: قال الله تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19].
وبناءً على ما سبق، فإن كل من المؤمن والمسلم متردفان في المعنى إذا افترقا، ووجد كل منهما في نص وسياق مستقل. وأنهما مفترقان إذا اجتمعا في نص وسياق واحد، فحينها يكون معنى المسلم: هو الذي يؤدي أركان الإسلام وفرائضه، أي أنه مختص بأعمال الجوارح، وأما المؤمن: فهو المُصَدِّق بأركان الإيمان الستة، وما يتفرع منها، تصديقاً قلبياً جازماً.
ويكون معنى المؤمن عند اجتماعه في نص واحد مع المسلم، هو معنىٍ خاص؛ أي أنه أَخَصُّ من المسلم، والمسلم أَعَمُّ منه، فكل مؤمن هو مسلم، ولكن ليس بالضرورة أن يكون كل مسلم مؤمناً، فقد يكون مسلماً في الظاهر، وهكذا هم المنافقون. فالمسلم قد يكون مؤمناً أو لا يكون، ولكن المؤمن لا بد أن يكون مسلماً.
المقالات المتعلقة بما الفرق بين المؤمن والمسلم