ما أعظم الذنوب

ما أعظم الذنوب

يقول عز من قائل لا إله إلا هو الحي القيوم في القرآن الكريم : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) ، و في موضع آخر من القرآن الكريم يقول الحق تبارك و تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، و في آية أخرى يقول العزيز الحكيم : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

و باستعراض الآيات الكريمات أعلاه يتبين لنا عظم رحمة الله عز وجل ، حيث يخبر المولى عز و جل عباده - مطمئناً إياهم - بعدم القنوط ( اليأس ) من رحمة الله سبحانه و تعالى مهما بلغت ذنوبهم ، بل يصفهم سبحانه و تعالى في الآية الكريمة بالمسرفين في الذنوب ، أي وصلت ذنوبهم حد الإسراف ، و مع ذلك لو تابوا لتاب الله عليهم لأنه تعالى غفار للذنوب رحيم بعباده ، لكنك تلاحظ من الآيات أعلاه أن هناك ذنباً لا تطاله المغفرة بحال بصريح نص الآية أن الله لا يغفر الشرك به وأنه يغفر ما دون ذلك لمن يشاء من عباده ، فهذه الآية دالة أيضا على شمول الغفران لكل شيء عدا الشرك فكل ما تحته مغفور بإذن الله ، و لعل سائلاً يسأل عما فوق الشرك - مثل الكفر في ظنه مثلاً أو أي شيء آخر كالقتل للمسلمين مثلاً - متوهماً أن الآية أشارت بالغفران لما دون الشرك و لم تشر لما هو فوق الشرك ، فنقول إن أعظم الذنوب هو الشرك بالله ، ذلك بأنه يستحيل أن يكون هناك أعظم منه و إلا لما كان نص الآية بهذا الشكل، حيث أن بيانها واضح جداً ، بتحديد الإستثناء به و لو كان يوجد أوجب منه بالذكر كأعظم الذنوب لذكره المولى عز و جل ، فالشرك بالله اعظم من القتل و السرقة و الزنا و سائر الكبار قاطبة.

يبقى أمر الكفر قد يحير البعض ، أنظر إلى الآية الأخرى أعلاه ففيها أيضا إشارة إلا أن تحريم الجنة إنما هو على المشرك و لم يذكر هنا الكافر و لا المنافق، إن الله سبحانه و تعالى يثبت و في أكثر من موضع من كتابه العزيز أن الكافر و المنافق إنما هم معاندون ؛ يعرفون الحق و يزيغون عنه و يصدون عنه و يجحدون أمره ، و بالتالي فهم (الكافر و المنافق) في النار لا محالة و لكن ذنب المشرك أعلى منهم ، فالشرك إنما هو حالة مستفحلة من الكفر، فالكافر هو ليس يجحد نعمة الخالق فحسب و إنما يظن إعتباطاً أنه يمكن له الإفلات من عقوبة الله بالإستعانة بمن هم دونه ، فبذلك يكون قد جمع مصيبتين : مصيبة الكفر و مصيبة الشرك ، و حيث أن الشرك يأتي نابعا من كفر فقد علاه ، فتأمل!!

المقالات المتعلقة بما أعظم الذنوب