تختلف مدّة حياة الإنسان بالمُتوسّط من مكان إلى الآخر في أنحاء العالم، فبصورة عامّة، من المُعتاد أن يعيش البشر لفترات أقصر في الدّول الفقيرة والنّامية، بينما تزداد مدّة حياتهم مع الانتقال إلى البلدان المُتطوّرة. يتراوح مُتوسّط حياة الإنسان من 45 سنة فقط في دولة سوازيلاند بجنوب القارّة الأفريقيّة إلى 82 عاماً في دولة سويسرا الأوروبية.
هناك العديد من الحيوانات التي تتفوق في مدّة حياتها على الإنسان بكثير؛ فبعض الكائنات الحيّة مشهورة على نطاق واسع بأنّها تُعمِّر لفترات طويلة جدّاً، وإذا لم تتعرّض لخطر (مثل هجوم كائن مُفترس أو مرض) فقد تعيشُ لمئات السّنين. الكائنات المُتضمَّنة في هذا المقال يمكن أن تشمل أيّ مخلوقات تُصنَّف -علميّاً وأحيائيّاً- ضمن المملكة الحيوانيّة، حيث إنّ بعضها قد لا تبدو مثل الحيوانات الكبيرة أو الفقاريّات، بل قد تكون من أيّ شعبة من شعب الحيوان.[١]
ما أطول الحيوانات عمراًأطول كائن معروف في مملكة الحيوان عمراً هو نوع من المحار المُحيطيّ (باللاتينيّة: Arctica islandica)، ينتمي هذا الكائن لشعبة الرخويّات، وهي مجموعة من الحيوانات تضمّ أيضاً الحبّارات والأخطبوطات ومخلوقات بحريّة أُخرى. يستطيع هذا المحّار أن يعيش لمئات السّنين المُتتالية، وهو يُعتبر أطول أنواع الحيوانات تعميراً. تُثير الحياة الطّويلة بصُورة استثنائيّة لهذا المحار أبحاثاً علميّةً عدّة، وليس من المعروف تماماً كيف يستطيع أن يحيا لفترات طويلة جدّاً، لكن من المُرجَّح أنّ أحد العوامل المُهمّة في ذلك هي أنّ هذا المحار يستهلك مِقداراً ضئيلاً جدّاً من الأكسجين، ويصرفُ كمّيةً قليلةً جدّاً من الطّاقة خلال حياته، كما أن مورّثاته قد تُؤدّي دوراً أساسيّاً في طول عُمره.[٢]
السّبب في حصول هذا النّوع من المحار على الرقم القياسيّ في طُول التّعمير بين الحيوانات هو أنّه في سنة 2006 اكتشف فريقٌ من الباحثين محارةً مُحيطيّةً بالقُرب من شواطئ آيسلندا، تبيَّن بعد دراستها أنّ عمرها -عند الإمساك بها- كان يبلغ 507 أعوام؛ يعني هذا أنّ تلك المحارة عندما بدأت حياتها كان الإنسان لا زال يعيش في عام 1499، في القرن الخامس عشر الميلادي، حيث كانت دولة المماليك لا تزال قائمةً في البلاد العربيّة، وكان كولمبوس لم يكتشف القارّة الأمريكيّة بَعْد، وكانت الصّين خاضعةً لحُكم إمبراطوريّة مينغ، ومن هُنا سُمِّيت المحارة (محارة مينغ) أو (رخويّ مينغ) (بالإنجليزيّة: Ming the Mollusc). ماتت محارة مينغ بعد الإمساك بها مُباشرةً، إلا أنّها أثارت اهتمام الباحثين للغاية، وأُجرِيت عدّة دراسات عليها.[٣]
يستطيع الباحثون تحديد عمر المحار البحريّ من الخطوط التي تتكون على صدفته مثلما يتم استخدام الحلقات الموجودة في قلب جذوع الأشجار لقياس عُمرها. المبدأ الذي تقوم عليه هذه الطّريقة هو أنّ المحار يُكثِر من تناول الغذاء في فصل الصيف من كل عام، حيث يكون الجو دافئاً في هذا الفصل ويُصبح الطّعام مُتوافراً بكثرة وبكميذات وفيرة. لهذا السبب تُحقّق صدفة المحارة نموّاً كبيراً في الصّيف، لكن نموّها يتوقّف تقريباً في الشّتاء، وبالتّالي، تتّخذ الصَّدَفة هيئة طبقاتٍ مُتتالية تتراكم فوق بعضها، حيث تكتسب طبقة واحدة جديدة في كلّ عام، وبها يستطيع العلماء ببساطة إحصاء عدد هذه الطّبقات لمعرفة عمر المحار.[٣]
أعمار الحيوانات الأخرىتوجد العديد من الحيوانات المعروفة التي تُعمِّر لفترات طويلة جداً، حتّى ولو لم تكن بنفس طول فترة حياة المحار، ومن أهمّها:
المقالات المتعلقة بما أطول الحيوانات عمراً