ما أسكر كثيره فقليله حرام

ما أسكر كثيره فقليله حرام

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه. أما بعد،

فإن عنوان هذا المقال المدون أعلاه مقتبسٌ من حديث نبوي شريف، وهذا الحديث يعتبر من الضوابط التي يستعملها العلماء في الحكم على المشروبات، ومعرفة هل هي محرمة أو مباحة؟ وسنتطرق إلى هذا الحديث، بعد هذه المقدمة التالية.

إن من القواعد أو الأصول الكبرى المعروفة في ديننا الحنيف: (الأصل في الأشياء الإباحة، إلا إذا جاء دليل ينهى عن شيءٍ منها)، وهذه الأصل مدعوم ومعزز بالعديد من النصوص الشرعية التي تدل عليه وتأكده، ويتفرع من هذه القاعدة: (الأصل في الأطعمة والأشربة الإباحة، إلا إذا جاء دليل ينهى عن شيءٍ منها)، فالله سبحانه وتعالى قد سخر لنا هذا الكون بما فيه من طيبات ومنافع، وأمرنا أن نأكل ونشرب من تلك الطيبات، ونهانا عن الإسراف. وبالمقابل بين الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله الأمين جُملة من الأمور المحرمة التي لا يجوز اقترافها، فهذه الأمور المحرمة تخرج عن القاعدة الكبرى التي سبق ذكرها، وتستثنى من الأصل العام.

قال الله تبارك وتعالى: { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } [الأنعام:119]، تعتبر هذه الآية من الآيات التي تدل على القاعدة السابقة، وتؤكد على صحتها. ويستفاد من هذه الآية أيضاً: أن الأشياء المحرمة تصبح جائزة في حالة الضرورة.

يعتبر (الخمر) أحد المستثنيات المحرمة من القاعدة الكبرى التي سبق ذكرها، فالخمر محرم بالكتاب والسنة وبالإجماع، وعلة تحريم الخمر، معروفه عند الجميع، وهي: الإسكار، وذهاب العقل، وما يترتب على هذا الإسكار من مفاسد ومضار لا تخفى على أحد.

فكل شرابٍ مسكر، يعتبر خمراً محرماً، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كل مُسْكِرٍ خمر، وكل خمرٍ حرام. » [رواه مسلم]. والخمر محرمٌ قليله أو كثيره، وقد دل على هذه الحرمة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « ما أسكر كثيره، فقليله حرام. » [رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني]. ويخطأ البعض عندما يقول بجواز شرب كمية قليلة من الخمر، بحيث لا يصل إلى درجة السكر بسببها! فهذا القول خاطئ، فالخمر محرم قل أم كثر بدلالة الحديث السابق، وإن لم تتحقق علة الإسكار بشرب القليل منه؛ وذلك لأن ذلك الشارب لو زاد في الكمية التي شربها لسكر، فبالتالي تعتبر هذه الكمية القليلة ذريعة إلى الكمية الكبيرة، فكما يُقال: (الكأس يجر الكأس)! كما أن هذه الكمية القليلة، سيعتاد عليها مع الوقت والتكرار، وسينتقل للكمية الأكبر منها، والتي تحقق الإسكار.

المقالات المتعلقة بما أسكر كثيره فقليله حرام