لماذا يغار الرجل

لماذا يغار الرجل

إنّ من طبائع النّفس البشريّة أنّها تغار على من تحب دائماً ، فالرّجل يغار على من يحب ، و المرأة تغار على من تحب ، و لا يمكن تصوّر المجتمعات البشريّة بغير وجود الغيرة ، فالغيرة واجبةٌ الوجود من حيث أنّها تقوّي العلاقات بين الأقرباء و الأزواج بل و المجتمع بأسره ، و تزرع بينهم التّكافل و التّآخي ، فالمسلم يغار على أخته و أمّه و زوجته ، و يغار كذلك على قريبته و جارته و أيّ مسلمةٍ يراها تنتهك مشاعرها من أصحاب القلوب الضّعيفة ، فتراه يغضب لذلك ، لذلك لم يتعجّب النّبي صلّى الله عليه و سلّم حين كان ردّ الصّحابي سعد بن معاذ حين قال غاضباً أأصبر حتّى آتي بالشّهود ، و الله لأضربنّها بالسّيف غير مصفح عنها ، و ذلك حين دعى النّبي عليه الصّلاة و السّلام من ادعى على أحدٍ بجريمة الزّنا أن يأتي بالشّهداء على ذلك ، فكان ردّ فعل النّبي قوله أتعجبون من غيرة سعد ، فأنا أغير منه ، و الله أغير منّا ، و من أجل ذلك وضع الحدود .

و لا شكّ بأنّ الغيرة تنقسم إلى قسمين ، فهناك غيرةٌ محمودةٌ و هناك غيرةٌ مذمومةٌ ، فغيرة الرّجل المحمودة حين يغار على زوجته ، فيتضايق إذا نظر أحدٌ إليها ، و يحبّ أن يراها دائماً مغطاةً بلباس الشّرع الحكيم ، بعيدةً عن أماكن الإختلاط مع الرّجال و مظنّة التّحدث معهم ، فهي عنده جوهرةٌ يحرص على بقائها بعيدةً عن الأعين المريضة بدون تشدّد أو تنطّع .

أما الغيرة المذمومة فهي الغيرة التي تحمل صاحبها على الإتيان بأفعالٍ و أقوالٍ لا ترضي الله سبحانه و تعالى في معاملته لزوجته ، فتراه يشكّ فيها لأبسط الأمور و اتفهها من دون بيّنةٍ أو دليلٍ ، و يلجأ لضربها أو سبّها إذا رأى منها ما لا يرضيه و كأنّها أمةٌ عنده ، و تراه يخبّئها عن رؤية النّاس و يحرمها من حقّ الخروج إلى الأسواق و الاستمتاع بالحياة بما يرضي الله ، فالغيرة عند هذا الرّجل هي بلا ضوابطٍ و إنّما يسعى بها لتحقيق رغبات نفسه و نوازعها المريضة الآثمة .

و أخيراً فإنّ غيرة الرّجل يجب أن تكون ضمن ضوابطٍ تحكم السّلوك البشري ، و أخيراً يطيب لنا أن نذكر بيت شعرٍ روي عن سيّدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين دخل على زوجته فاطمة الزهراء فوجدها تستاك فقال مازحاً :

حظيت يا عود الأراكِ بثغرها *** أما خفت يا عود الأراك أراكَا

لو كنت من أهل القتال قتلتك *** ما فاز مني يا سِواكُ سِواكا

المقالات المتعلقة بلماذا يغار الرجل