كما يتنافس الناس على حبّ العظماء في الدنيا، فإنّ حبّ الله تعالى هي المنزلة العظمى التي يتنافس عليها المسلمون جميعاً، فمعنى أن يحبّك الله تعالى هو أن تنعم بقرب أعظم وأقوى وأرحم من في الكون وخالقه كلّه والمتصرف فيه ومالك الجنة والنار، ومن أحبّ شخصاً لم يدع مكروهاً يصيبه وأعطاه ما يريد ولا يمنع عنه شيئاً إلّا إن كان في صالحه، إلا أنّ حب الله للعبد لا يقارن على الإطلاق بحبّ أيّ إنسانٍ لإنسانٍ آخر، فمهما عظم شأن الإنسان وما باستطاعته فعله فالله تعالى أعظم وأجلّ شأناً فهو ملك الملوك جميعهم.
علامات حبّ اللهحبّ الله تعالى له علاماتٌ عديدةٌ يراها يستطيع العبد ملاحظتها، فمن أحبّه الله تعالى قرّبه إليه، فيصبح ولياً لله تعالى، فيحبّب الله تعالى عبادته لمن أحبّه ويكرّهه بمعصيته تعالى فتصبح ثقيلةً على قلبه كالجبل، فيحسن الله بذلك التدبير للإنسان فيقرّبه إليه بكلّ شيء، وينفره من كلّ ما يبعده عنه، وحسن التدبير هنا لا يقتصر على الآخرة فقط، بل إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبداً أحسن التدبير له في الدنيا أيضاً، فييسر له من أمر الدنيا والآخرة ما فيه صالحه من غير أن يذلّ نفسه لمخلوقٍ من مخلوقات الله تعالى، فمن فاز بحبّه تعالى فإنّه لا يذلّ لأحد؛ لأنّ حبيبه هو العزيز، فمن أحبّه الله تعالى لن يسمعه إلّا لما يحب، ولن يريه إلّا ما يحبّ، ولن يعمل عملاً بيديه إلّا في رضى الله تعالى ولن يمشي إلّا إلى الحلال، وكما أنّ من نال محبته تعالى كان مستجاب الدعاء محفوظاً من كلّ شرٍّ وسوء.
كما أنّ من أحبه الله تعالى حبّب إليه خلقه وكتب له القبول في الأرض، فينادي الله تعالى جبريل إذا أحبّ شخصاً ما ويخبره أنّه يحبّه ويأمر جبريل بحبّه، فيفعل وينادي جبريل في أهل السماء كذلك فيحبونه، ومن ثمّ يحبّه أهلّ الأرض، ويكفي الإنسان عزةً وفخراً أنّ الله تعالى يحبّه ومعه فهو تعالى يكفيه، ولا يعني هذا الأمر كلّه أنّ من أحبّه الله تعالى سيعيش في نعيمٍ طوال الدنيا، بل إنّه سيواجه من المصاعب العديد، فمن أحبّه الله تعالى ابتلاه، فكما قال صلى الله عليه وسلم:"إنّ عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإنّ الله تعالى إذا أحبّ قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط"، فكلّما ازداد إيمان الإنسان ازداد البلاء عليه، ويمكننا التأكد من ذلك من سيرة الأنبياء الذين هم أحب الناس إلى الله تعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم أحبّ الخلق إليه تعالى، فكانوا أشدّ الناس بلاءً على الإطلاق ولكنهم عندما صبروا جازاهم الله تعالى خير الجزاء لذلك.
المقالات المتعلقة بكيف نعرف أن الله يحبنا