عثمان بن عفان هو أحد الصحابة وثالث الخلفاء الراشدين ، وواحدٌ من العشرة المبشرين بالجنة ، وهو من أوائل من اعتنق الإسلام ، تزوج باثنتين من بنات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لذا أطلق عليه لقب ( ذا النورين ) ، وهن رقية ، وبعد وفاتها تزوج بأم كلثوم .
عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، ولد في الطائف بعد عام الفيل بستة أعوام ، وينتمي في نسبه إلى كبار سادات قريش وهم بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، توفي أبوه في الجاهلية ، وكان عثمان بن عفان من أشراف قريش وأحد أغنياءها في الجاهلية ، وامتاز بحكمته ورجاحة عقله وصواب رأيه ، لذا كان محبوباً بين قومه ، ومن ما عرف عن عثمان بأنه لم يسجد يوماً لصنم طوال حياته ولم يشرب الخمر يوماً ، وكان على اطلاع على علوم العرب ومعارفهم ، رحل إلى الشام والحبشة ، وعاشر كثيراً من الأقوام من غير العرب لذا كان على اطلاع على أحوالهم ، ورث عن أبيه مهنة التجارة وكان يعمل بها حتى تضاعفت ثروته ، لتصبح بعدها لديه مكانة عظيمة وسط قريش ، وكان يتصف بالجود والكرم ، وكان يكنى أيام الجاهلية بـ ( أبا عمرو ) ، ولكنه بعد أن رزق بابنه الأول من رقية أطلق عليه إسم عبد الله ، وأصبح من بعدها يكنى بـ ( أبا عبد الله ) ، كان رجلاً جميلاُ رقيق البشرة ، أسمر اللون عظيم المنكبين ، وكان يشد أسنانه بالذهب .
اعتنق الإسلام وهو في الرابعة والثلاثين من عمره ، على يد أبي بكرٍ الصديق ، فكان من الأولين السابقين في الإسلام ، حيث كان رابع من أسلم من الرجال . بعد أن سمع عثمان بن عفان نبأ طلاق رقية بنت رسول الله ، بادر إلى خطبتها من الرسول ، فزوجها منه ، وقيل حين زفافهما بأنهما أحسن زوجين رآهما إنسان ، رقية وعثمان .
بعد تعرض الصحابة لشتى صنوف التعذيب من قريش بسبب إسلامهم ، وكان من بينهم عثمان الذي قام بتعذيبه عمه ( الحكم بن أبي العاص ) ، حينما أوثق رباطه وأقسم على أن لا يطلقه إلا عند عودته لصوابه ، وعودته لدين آبائه وأجداده ، ولكن صلابة عثمان وتصميمه جعلت عمه يرضخ للأمر ويطلقه لحال سبيله ، وبعد اشتداد الأذى بالمسلمين وخاصةً بعد مقتل ياسر وزوجته ، أمرهم النبي بالخروج إلى الحبشة ، لأنه بها ملكاً لا يظلم عنده أحدا ، وهاجر المسلمين هجرتهم الأولى إلى الحبشة ، وعلمت قريش بالأمر فأرسلت بمن يتعقبهم ، وكان عثمان ورقية من بين المهاجرين إلى الحبشة ، ووجدوا على أرض الحبشة الأمان الذي هاجروا لأجله ، وحرية العبادة ، وعند عودتهم الى مكة لبثوا بها بعض الوقت حتى جاء الأمر بالهجرة الى المدينة .
تولى الخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب بعد أن بايعه المسلمين خليفةً عليهم ، واتسم عهده بالرخاء ، وانتشر الإسلام في كثيرٍ من البلدان ، وكان هذا سبباً في أن قام عثمان بجمع القرآن لاختلاف قراءاته بسبب اتساع رقعة الأرض الإسلامية ، واختلاف اللهجات ، فقام بجمعه بلهجة أهل قريش ، وكانت حجته بأنه نزل بلهجتهم ، وهكذا قام بتوحيد قراءته في سائر البلاد .
امتدت خلافة عثمان بن عفان لاثني عشر عاماً ، تخللها العديد من الأحداث التي كان لها الأثر الكبير في التاريخ الإسلامي ، واتسم النصف الثاني من ولايته بشيوع الفتنة نتيجة الرخاء الذي ساد في فترة توليه الخلافة ، وسادت في عصره العديد من الثغرات التي كانت أرضاً خصبة للمنافقين لبث سمومهم وأحقادهم ، فوجدوا في هذه الثغرات الآذان الصاغية لهم ، وكان رأس الفتنة ( عبد الله بن سبأ ) ، الذي ادعى اعتناقه للإسلام في عهد عثمان بن عفان ، واشتدت التهديدات بالقتل الموجهة للخليفة وتضييق الخناق عليه الأمر الذي أدى إلى تحرك الصحابة لردهم ومحاربتهم ، ولكن عثمان رفض بأن يرفع سيف للدفاع عنه ، وعدم قتل أحد بسببه ، لعلمه بأنه هو وحده المراد فلا يريد بأن يجعل من المسلمين درعاً له .
هوجمت دار عثمان من قبل المتمردين ، وكان في هذه الأثناء يقرأ القرأن وقتلوه في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 35 للهجرة ، وكان يبلغ من العمر 82 عاماً ، ودفن في البقيع .
المقالات المتعلقة بكيف مات عثمان بن عفان