يُعتبر الدين الإسلامي دين التسامحِ والخلقِ الحسن، فلا يُجيز قتل النفس أو الاعتداء على أحدٍ بحجّة أنه يعتنق أحد الديانات الكتابيّة الأخرى وهم اليهود والنصارى، فقد راعى الإسلام من يعتنقون هذه الديانات ويعيشون وسط المسلمين في المجتمع الإسلامي، ونظّم العلاقات معهم مما يترك المجتمع متماسكاً ومترابطاً؛ فالإسلام بعيدُ كل البعد عن الإرهابِ أو محاولة إيقاع الأذى بمن يدينون بغير الإسلام ما داموا لا يضرّون بأحدٍ من المسلمين أو بالإسلام.
كيفية معاملة الرسول صلى الله عليه وسلّم لليهود والنصارىكان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم القائد الحكيم وصاحب التفكيرِ السليم؛ حيث استطاع إدارة الدولةِ الإسلاميّةِ بكلّ ذكاءٍ وحنكةٍ على الرغم من عدم توّفر الموارد والوسائل التي تسهِّل من مهمة القائد في ظلّ تواجد أقلياتٍ ممّن يدينون بالديانة النصرانيّة واليهوديّة يعيشون مع المسلمين، فقد كان الوضع السائد هو سيادة الدين الإسلاميّ وأحقيته وسيادة توحيد الله تعالى وعبادته على الجميع، وأنّه لا فائدة ممّن يدينون بغير ديانة الإسلام، وهذا هو إيمان الجميع.
قال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )آل عمران، لذلك كان صلّى الله عليه وسلّم لا يترك فرصةً إلّا ويدعوهم إلى الدين بالطرق السلميّة، ولم يحاول إجبارهم على ترك ديانتهم، حتى عندما كان اليهود يغدرون ويخونون كان صلى الله علية وسلّم لا يبدأ الحرب معهم إلّا بعد محاولة دعوتهم إلى الإسلام.
عندما قدِم الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة أول ما قام به هو وضْع دستورٍ للتعامل بين الناس، وكان من بنوده أنّ المؤمنين يرتبطون معاً بعلاقاتهم ولا يجوز تقديم المحبة والود لمن هو خارج دائرة الإسلام، ولكنه لم يُجز التعدي عليهم أو الإضرار بهم بحجة التبرؤ من دينهم، كما أمّنهم على حياتهم فلا يجوز قتل يهودي أو نصراني إلّا من خان أو أضّر بالإسلام، كما سمح لهم بالتملّك وممارسة الأعمال التي يحبونها مثل التجارة.
وقد أعطى الإسلام اليهود والنصارى حقّ الحماية في ظلّ الدولة الإسلامية من أي اعتداءاتٍ خارجيةٍ، ونشر العدل فيما بينهم وبين المسلمين حيث لم يحكم ظلماً على يهوديّ دفاعاً عن مسلمٍ، ولعلّ حادثة قتل عبد الله بن سهل رضي الله عنه تدلّ على ذلك، فقد كانت المؤشرات تدّل على أنّ أهل خيبر هم من قاموا بذلك إلّا أنه مع عدم توفر الأدلة الكافية والظاهرة لم يدينهم الرسول صلى الله عليه وسلّم.
ومن مظاهر المعاملة الجيّدة التي عاملها الرسول صلى الله عليه وسلّم لليهود والنصارى زيارة مريضهم وقبول الهدايا منهم، وسمح لهم بالرجوع إلى قواعد دينهم عند وقوع الخصومة فيما بينهم ولم يجبرهم على الاحتكام لديه وفق قواعد الدين الإسلاميّ ما دامت الخصومة فيما بينهم ولا تمّت المسلمين بصلة.
المقالات المتعلقة بكيف كان يتعامل الرسول مع اليهود والنصارى