كيف تجد السعادة في نفسك

كيف تجد السعادة في نفسك

الحياة صعبة في مجمل أحداثها وأفعالها، ومن الطبيعي أن تكون كذلك، رغم أننا نعيش في واقع ملموس ملؤه التعب والحيرة، إلا أننا أقسمنا أن نحاول الاستمتاع بها قدر المستطاع، وكان لا بد من التعامل مع ما يحدث في حياتنا؛ حتى نتأقلم بالشكل الذي يحقق السعادة لنا، فالظروف والمحاورات وكافة الأمور التي نتعرض لها في حياتنا قد لا نستوعبها إلا بعد فوات الأوان، وربما بعد أن يكون الأمر قد وصل إلى حالة من اليأس، وعدم القدرة على التعامل مع الأمر بالطريقة الصحيحة.

 

السعادة

كثير منا يبحث عن السعادة، ويعتبرها من أهم الأمور التي نحاول قدر المستطاع أن نصل إليها، ومهما بلغ الإنسان مراحل مهمة في حياته، إلا أنه يشعر أنه يفتقد شيئاً ما، وللأمر علاقة وطيدة بما يحدث في حياتنا بشكل عام، فالسعادة مرتبطة بمدى القدرة على التأقلم، وسرعة التعامل مع الحياة بالطريقة التي تلبي لنا حاجة معينة من الراحة النفسية بشكل أو بآخر، ولو نظرت إلى الأمر من منطلق آخر، لوجدت أن أغلب الناس على هذا الكوكب يعانون من عدم القدرة على التكيف مع الحياة، ويجدونها صعبةً ومعقدةً في الكثير من الأوقات، وهناك من ربط السعادة بأشياء ملموسة إن توفرت له شعر بها، وإن لم تتوفر غمس نفسه بالكبت والضيق طوال الحياة، ومن أهمها على سبيل المثال المال، فهناك من يعتبر السعادة التي يجلبها المال المصدر الرئيس للحياة، وشريانها على نطاق واسع، فيما يعتبر البعض الراحة النفسية من أهم عوامل السعادة، والتي إن توفرت كان الإنسان أكثر شخص سعيد على وجه الأرض، وهناك من يعتبر أن السعادة هي تلك الراحة التي يشعر بها بعد أداء الفرائض وإتمام الصلاة، وكافة مستلزمات الحياة التي تؤمنها العبادة، والبعض الآخر يعتبرها بالرضا بالقليل، والقدرة على تدبير الأمور، وتوفير كافة مستلزمات الحياة بالنسبة للعائلة بشكل كبير، وهذه كانت أمثلة حية على ما تمثله السعادة في حياة الكثير من الأشخاص، ورغم أن السعادة من الممكن أن نحققها لأنفسنا، إلا أننا نجد أنفسنا عاجزين تماماً، وغير قادرين على تولي هذا الأمر، مما يؤثر في قدرتنا بصفة عامة على متابعة الأمور بشكلها الصحيح، والتعامل معها بكامل احتياجاتنا واحتياجاتها.

أخيراً، لتعيش حياة سعيدة خالية من التعقيدات عليك أن تترك الأمور تسير وفق الخطط التي وضعها الله لك، ولا تستهين بأمر الله، فهو المنفذ والمخلص لك في جميع أمور حياتك، وكن على استعداد لأن تتقبل الربح والخسارة، ولا تبالي بأي أمر قد تخسره، واطلب العوض من الله الذي لا تضيع عنده الودائع، واحلم قدر المستطاع، واترك الحقيقة لمن يريدها، ولكن لا تسرح بنفسك كثيراً؛ حتى لا تكون في حياتك بلا هدف، وهذا كان من ضمن المفاهيم التي أردنا تركها لنهاية المطاف، وهو القناعة بأن كل خطوة نخطها في حياتنا هي مقدرة وفيها هدف يجب أن يتحقق، حتى نشعر بأننا لا نعيش عبثااً.

 

كيف تجد السعادة في قلبك

والسعادة من الممكن أن تنبع من قلب الإنسان نفسه، فهو الشخص الوحيد القادر على الاعتراف بأن لديه ما ينقصه في هذه الحياة، وهو وحده يعلم ماذا يريد من الأيام، فكل ما في الأمر يختلف من إنسان لآخر، فمتطلبات حياتنا تختلف من شخص لآخر، كما أنّنا لا نستطيع أن نتجاهل كم السعادة التي من الممكن أن نحصل عليها إن رضينا بما كتب الله لنا في حياتنا، ومن أبرز الأمور التي تساعدنا في إيجاد السعادة في قلوبنا ما يلي:

 

كن منفتح القلب

عليك أن تكون منفتحاً بقلبك وعقلك، وأن تستمع إلى الأوامر التي تصدرها روحك؛ لأنّها هي السبيل الوحيد لك لكي تثبت فيها قدرتك على مجاراة الحياة بشكل أو بآخر، وقدرتك على اتباع الحياة كما هي يجعلك تستمتع بكل لحظة فيها.

 

القناعة كنز لا يفنى

كن على اقتناع أنك خلقت في هذه الحياة، وفي هذه المنطقة، وعلى هذه الشاكلة، بأمر من الله سبحانه وتعالى، وعليه يجب أن تخضع لأمر الله، وتتكل عليه، ولا تكن حسوداً أو غيوراً، أو ناقماً على نصيبك من دنياك، وتقبل أن الله وضعك في هذا المكان وفي هذا الظرف؛ حتى يختبر قدرتك على متابعة المشاكل التي تعترضك، فإن كنت مقتنعاً، استطعت أن تثبت لنفسك أنك قادراً على إيجاد السعادة التي تستحقها، فالقلب الذي يملك القناعة، لا بد أن يمتلك سعادة لا تفني، فكما أسلف المثل: (القناعة كنز لا يفنى).

 

استغل كل لحظة في حياتك

حاول أن تتقبلها كما هي، ولا تقلل من شأن نفسك، أو تكون معترضاً على حكم الله، فالدقيقة التي تمر يجب أن تكون معقلاً لها، أنها ستكون عليك لا لك، وعليه لا بد أن تستغل كافة الأوقات في حياتك؛ حتى تكسب نقاط القوة في الأوقات التي كتبها الله لك، ولا تبكي على الأوقات التي رحلت، بل اجعل كلمة (لعله خير) صديقاً لك، ولا تكن حزيناً على ما ضاع منك؛ لأنّ الذي يذهب هو بالأصل لم يكن ملكاً لك، فلا تبكِ، وقف حامداً لله، شاكراً نعمه، وراضياً بحكمه وقضائه.

 

استقبل يومك بابتسامة

إنّ ابتسامتك هي عنوان الأمل والتفاؤل، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، فهذا أمر أثبتت صحته فعلاً؛ لأنّك كلما تبسمت في وجه الآخرين، فهذا يعني أنك قربت إليك عدداً لا بأس به من الناس، وأحبوك، والله سبحانه إن أحب عبدا جعل عباده يحبونه، وكن دائم الابتهاج، وحاول أن تخفف عن المظلوم والمحزون والمتعب، فإنك إن لامست أوجاع الناس، ستشعر أن الحياة لا قيمة لها أن تضيع هباءً بدون أن تتمتع بكل دقيقة بها، وحاول أن تستغل وقتك في الحديث عن السعادة، فتحدث عنها لأخيك الصغير، وبث في قلبه حب الحياة، والقدرة على العطاء، فهذا يجعلك قادراً على خلق جيل جديد سيساعدك في الوصول إلى أعلى المراتب بسرعة وقوة.

السعادة كلمة صغيرة الحجم، ولكنها تحمل كافة المعاني التي تعتمد عليها الحياة، فالسعادة مشتقة من الراحة، والقدرة، والاستقلالية، والمتعة، والنشوة، والشهوة، وكل الأشياء التي يشعر الإنسان أنه لا يقوى على العيش بدونها، وأنها مثالاً حقيقياً من أمثلة الحياة الصحية العملية، ولو نظرت في التاريخ منذ القدم، لوجدت أن بعض الشعراء القدامى قد تغنوا بمفهوم السعادة، فوجدوا التعاسة في بعد المحبوب عن الحبيب، ووجدوا السعادة في القدرة على كسب قلب الفتاة، والارتباط منها، وكانت هذه أولى ملاحظات الإنسان عن مفهوم السعادة، الذي ارتبط بالعديد من الأمور، والتي من أهمها مفهوم الحياة بشكل أو بآخر، والمطلع حقاً سيعلم جيداً أنّ الإنسان لا يستطيع أن يتابع يوماً واحداً في حياته بعيداً عن الأصدقاء والعائلة والأحبة، ومن منظورهم فهذه هي السعادة البحتة التي من الممكن أن يحصل عليها الإنسان، فالجنة بدون ناس لا يمكنها أن تداس كما قال المثل القديم، وعليه، فإن السعادة تكمن في مقدار وكمية الأشخاص الذين يقطنون حولك، والذين تحمل لهم في قلبك معاني الحب والوئام بشكل أو بآخر.

 

المقالات المتعلقة بكيف تجد السعادة في نفسك