التغيير يظلّ التّغيير إلى الأفضل الهدفَ الأسمى الذي يسعى إليه الكثيرُ من النّاس على امتداد المعمورة، فالنّفس البشريّة لا ترتقي بأخلاقها، ولا تسمو بقيمها وفضائلها دون أن تسعى لتحسين نفسها وصورتها، وإنّ سعي الإنسان إلى ذلك لا يتأتّى بمجرد الأماني والأحلام، وإنّما يكون من خلال السّعي الدّؤوب والعمل والجدّ في سبيل ذلك، مع اتباع منهجٍ واضح في الحياة مرتكزٍ على أسسٍ ثابتة راسخة.
كيفيّة تغيّر الإنسان إلى الأفضل نذكرُ من ملامح منهج التّغيير نحو الأفضل ما يلي:
- أن يتّخذ الإنسان من البشر قدوةً له في الحياة، يقتفي آثارَها، ويسير على نهجها، ولا شكّ بأنّ أنبياء الله ورسله الذين هم خير البشر أفضل قدوةٍ يمكن للإنسان أن يتخذها في حياته حتّى يغيّر نفسه إلى الأفضل، فسيرة نبيّنا محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- على سبيل المثال تضمّنت كثيراً من المواقف التي من شأن الاقتداء فيها أن تضمن للإنسان التغّير نحو الأفضل، وتحقيق السّعادة في الدّنيا والآخرة.
- أن يلتزم الإنسان بالقرآن الكريم كمنهجٍ له في الحياة، فكتابُ الله سبحانه وتعالى خير دستورٍ للنّاس بما تضمّنه من الأحكام والتّوجيهات الأخلاقيّة التي توجّه سلوك الإنسان نحو الخير والمعروف، وتصرفه عن الشّرّ والمنكر ومساوئ الأخلاق، قال تعالى في وصف هذا الكتاب العظيم: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء، الآية: 9]
- أن يسخّر الإنسان طاقاته من أجل تهذيب نفسه وتغييرها إلى الأفضل، فالنّفس فيها طاقاتٍ عجيبة تعين الإنسان على التزام الفضيلة في الحياة والتّغيير نحو الأفضل، ولا بدّ للإنسان أن يدرك أهميّة تسخير تلك الطّاقات وإشغالها في الحقّ حتّى لا تنشغل بالباطل.
- امتلاك الإرادة والنّيّة للتّغيير نحوَ الأفضل، فدونَ الإرادة والنّيّة لا تتوفّر الرّغبة لدى الإنسان في التّغيير نحو الأفضل، لأنّ الإرادة هي سبب تحرير الطّاقات البشريّة وتسخيرها للعمل والتّغيير، وكذلك زرع محبّة الفضائل في النّفس؛ لأنّ النّفس تتّبع ما تحبّه من الأمور.
- مجانبة الأشرار من النّاس مع الحرص على صحبة الأخيار، فكما قيل في الحديث عن الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- أنّ المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل، وفي الحكمة الشّهيرة: ((الرّجل مرآة أخيه))، ذلك أنّ الصّديق الصّالح يعين الإنسان على التّغير نحو الأفضل بنصائحه وتوجيهاته وسلوكه في الحياة، بينما يعمل صديق السّوء على إبعاد الإنسان عن القيم النّبيلة والأخلاق الحسنة، عندما يشجّعه على ارتكاب المنكرات والرّذائل، ويزيّن له الباطل ويغريه فيه.