كيف تؤلف كتاباً

تأليف الكتب ليس عملية سهلة، وإنما هو عملية صعبة، فهو يتطلب الكثير من المهارات، ويتطلب الكثير من الاستعدادات والتحضيرات، ويتطلب جهداً كبيراً، ووقتاً كثيراً، وعملاً دؤوباً، ويتطلب صبراً وقدرةً على التحمل، ويتطلب ذكاءً وفطنة.

فالمؤلف إنما يَعْرض عَقْله وما فيه من فكر على القراء، فإذا لم يحسن التأليف، فإنه سَيُعَرِّض نفسه للإحراج والردود والانتقادات. وإذا قام أحدهم بتأليف كتابٍ سيءٍ يحتوي على أفكار ومعلومات خاطئة ومضللة، فإنه سيضلل بكتابه القراء، وسيجني عليهم، وربما تضل تلك الأفكار والمعلومات الخاطئة متداولة بينهم لسنين طويلة، وربما تصبح من المسلمات بالنسبة لهم! وهذا يعني انتشار الخطأ والجهل بين الناس.

وقد يقوم أحدهم بتأليف كتاب سيء من الناحية اللغوية، فإذا نظر القارئ فيه، وجده مليئاً بالأخطاء اللغوية والإملائية، والأخطاء في استعمال علامات الترقيم، ولا شك أن لهذه الأخطاء الكثير من المفاسد، حيث إنها تؤثر على سمعة الكاتب والكتاب، وتؤدي إلى فقدان ثقة القراء بالكاتب والكتاب، وتؤدي أيضاً إلى نشر هذه الأخطاء بين الناس، فكثير من الأخطاء اللغوية الشائعة، لم تكن لتشيع بين الناس لولا الكتب التي تحتوي عليها، والتي قام الناس بقراءتها والأخذ والعمل بما فيها، ومع الأسف، الكتب السيئة من الناحية اللغوية منتشرة بكثرة، فكل تلك المفاسد التي سبق ذكرها سببها عدم إتقان فن التأليف، وعدم اتباع الأساليب والطرق المناسبة في التأليف، وعدم التمكن من الموضوع الذي تم التأليف فيه.

لا بد لمن أراد التأليف أن يختار موضوعاً مناسباً له، وأن يكون قادراً على الكتابة في هذا الموضوع، فلا يجوز له أن يحاول التأليف في موضوعٍ ليس من مجال اختصاصه؛ وذلك لأنه سيقع في أخطاء كثيرة، فالتأليف أمانة يجب على المؤلف حملها وعدم تضييعها. ثم عليه أن يحدد الهدف من التأليف. ثم عليه أن يجمع المراجع التي يمكن أن يستفيد منها في تأليف الكتاب، ويجب عليه أن يباشر بقراءة كل ما يحتاجه منها، حتى يتكون لديه تصور واضح عن الموضوع الذي يرغب في الكتابة فيه.

وبعد الانتهاء مما سبق، لا بد أن يقوم برسم مخطط للكتاب، بحيث يحدد في هذا المخطط الخطوط العريضة للكتاب، والتي تتمثل بالأبواب والفصول التي يرغب بتقسيم الكتاب إليها، ولا بد له أن يحدد في هذا المخطط عنوان الكتاب، وليس بالضرورة أن يكون العنوان الذي سيضعه نهائياً، وإنما قد يخضع للعديد من التعديلات في مراحل لاحقة، ولا بد أن يكون العنوان معبراً عن موضوع الكتاب، وأن يكون جذاباً للقراء، وألا يكون طويلاً، وأن يكون سليماً من الناحية اللغوية.

ثم عليه أن يباشر في الكتابة، وعليه أن يحرص في هذه المرحلة على استخدام الجمل والعبارات المناسبة، وأن يلتزم بأسلوب حسن، ولغة قوية وسليمة، وأن يبتعد عن الأخطاء اللغوية، وأن يحرص على حسن العرض والإخراج للكتاب. وبعد الانتهاء من الكتابة، لا بد من المراجعة والتصحيح، ولا بد من إعداد الفهرس وقائمة المصادر والمراجع.