كيف أعرف نفسي

كيف أعرف نفسي

نفس الإنسان هي ذاته، هي كيانه ووجوده في هذه الحياة، وهو أول ما ينبغي على الإنسان معرفته، فهل كل إنسان يعرف ذاته، وما هي مقومات هذه المعرفة، وما عناصرها؟.

أصناف الناس في معرفتهم لأنفسهم

ثمة أصنافٌ للنّاس في تعاملهم، ومعرفتهم لأنفسهم، فنجد قسماً من النّاس يجيدون معرفة أنفسهم، ويجيدون بذلك معرفة رسالة وجودهم في هذه الحياة، وغاياتهم، ويبنون نشاطهم وسلوكهم، ومواقفهم الحياتيّة المختلفة، تبعاً لهذه المعرفة، ونجد قسماً آخر من النّاس، في غيبوبةٍ تامّة وجهلٍ مطبقٍ عن معرفتهم لذاتهم وأنفسهم، فيجهلون بذلك رسالة وجودهم، والغاية منه، فيخبطون في الحياة خبط عشواء.

نجد قسماً آخر معرفتهم لأنفسهم جزئيةٌ، تقتصر على جوانبٍ معينةٍ من الحياة، وهي الجوانب المتعلقة بالحياة، وعناصرها، فنجدهم يركزون على الأكل والشرب، والشهوات، وهذا هو غاية وجودهم، وأفق تفكيرهم، وبالتأكيد هذه نظرةٌ قاصرةٌ عقيمةٌ، وصفها القرآن الكريم بدقة في قوله تعالى:" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ "( الأعراف:179).

أسس معرفة الإنسان نفسه

المعرفة السليمة الصائبة للإنسان لنفسه، ترتكز على أسس، منها:

  • الإنسان مخلوقٌ مكرّمٌ، على سائر المخلوقات؛ لقوله تعالى:" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا " (الإسراء:70).
  • الإنسان صاحب رسالةٍ عظيمةٍ في الحياة، وغايةٍ واضحةٍ، فرسالته العظيمة وغايته هي عبادة الله ـ سبحانه وتعالى ـ ،فنشاطه في الحياة ينسجم مع هذه النظرة الصحيحة.
  • النظرة الشمولية لاهتمامات الإنسان، فالإنسان لا تقتصر اهتمامه على مقومات الحياة الأساسية، ولو كان الأمر كذلك، لما تميّز الإنسان عن الحيوان، فالإنسان عقلٌ، ومشاعرٌ، وينبثق من ذلك فكرٌ، وثقافةٌ، وقيمٌ، ومبادئٌ، وعقيدةٌ صحيحةٌ، وحبٌّ ووئامٌ، وسلوكٌ قويمٌ، وغير ذلك من مظاهر السلوك البشري السوي، واتجاهات الحياة المختلفة.
  • الإنسان والمحيط من حوله، ونظرة الإنسان كذلك إلى المحيط من حوله، والذي يشمل الكون وما يحويه، هي نظرةٌ إيجابيّة، تقوم على البناء والتعمير.

آثار معرفة أو جهل الإنسان بنفسه

  • آثار معرفة الإنسان لنفسه:
    • الانسجام مع النظام الكوني العام، في نسقه الإيجابي، وتوازنه.
    • الشعور بالطمانينة والراحة.
    • انتشار السعادة والخير، كنتاج لهذه المعرفة.
    • الوئام والانسجام بين البشر ممّن يشتركون في هذه المعرفة
  • آثار عدم معرفة الإنسان لنفسه:
  • التناقض، والتعارض، والتصادم مع النسق الكوني العام.
  • انتشار الفساد، والتخريب، وعموم الفوضى، بين من يشتركون في هذه الخاصيّة، والنظرة، وغيرهم من البشر.

إليك أيها الإنسان.. أنت لست مجرد كائن، يدب على هذه الحياة، ويتمتع بمقومات الحياة الأساسيّة، من أكل وشرب، وقضاء شهوات وغير ذلك، بل أنت أعظم من ذلك بكثير، أنت نفحةٌ مكرّمةٌ، لك رسالةٌ ساميةٌ عظيمةٌ، وفقهك لهذه الرسالة، هو سعادةٌ لك، وللكون من حولك، رزقنا الله معرفةً سليمةً بأنفسنا، وبصرنا بعيوبنا، وهدانا سبلنا.

 

المقالات المتعلقة بكيف أعرف نفسي