مقدمة كما نعلم أن الله عزّ وجلّ بعث إلينا النبي صلى الله عليه وسلم برسالة من السماء مبنية على اليسر والسهولة والبساطة فالدين لا يوجد فيه تعقيد، فما هي الأحكام الواجب اتباعها في الصلاة للمريض، وكما نعلم فأول شروط الصلاة هو الطهارة، فإذا مرض إنسان بمرض يجعله غير قادر على أداء الطهارة من الحدث سواء الحدث الأكبر أو الأصغر فما هي الأمور التي يمكنه القيام بها؟
حالات المرض والتعامل معها - إذا كان مرضه لا يسمح له بالوضوء بتاتاً وذلك لخشية تضاعف المرض أو بسبب عدم قدرته على التحرك أو عدم قدرته على لمس الماء كأن يكون عاجز أو مصاب بمرض جلدي يؤخر في الشفاء، فالأصل والمعلوم في هذه الحالة أن عليه التيمم، ويكون التيمم عن طريق ضرب الأرض الطاهرة أي الرمل الطاهر باليد، وبعد الضربة يتم مسح الوجه باليدين، وبعدها يتم مسح الكفين بعضهما ببعض، وإذا كان مرضه لا يسمح له أن يقوم بالتيمم بنفسه كأن يكون جالس على السرير لا يتحرك فلا تسقط عنه الفريضة وعليه أن يستعين بأحد يممه ويقوم شخص آخر بمساعدته بالتيمم وكأن يقوم بالتيمم بنفسه وذلك عن طريق ضرب هذا الشخص الأرض الطاهرة بيده، ويمسح بها وجه المريض وكفيه، كما لو كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه فيساعده شخص آخر في الوضوء، ولمن لم يجد أرض عليها رمل يتيمم بها يمكنه أن يقوم بالتيمم من الجدار أو من شيء آخر له غبار، فإنّ كان الجدار مطلياً بشيء ولا يوجد عليه غبار، فلا بأس أن يضع تراب في منديل أو إناء و يقوم بالتيمم منه، وإذا تيمم لصلاة وبقي على طهارته إلى وقت الصلاة الأخرى فإنه يصليها بالتيمم الأول ولا يكون عليه إعادة التيمم، لأنه لايزال على طهارته ولم يوجد ما يبطلها، يجب على المريض أن يطهر بدنه من النجاسات أو يخلعها ويلبس ثياباً طاهرة فإنّ لم يستطع صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وعند الصلاة يجب أن يصلي على شيء طاهر فإذا كان الفراش فيه نجاسة عليك بتغيير الفراش وإبداله بفراش طاهر، وإن لم يستطع فلا حرج عليه وصلاته صحيحة ولا يكون عليه قضاء لها أو إعادة، أما الحالة الأخيرة أن يكون المريض عاجز عن التيمم لا بنفسه ولا بغيره بسبب حروق شديدة فإنّه يجوز له الصلاة على حاله.
- إذا كان المريض مصاب بجروح طفيفة نتيجة حادثة وترتب عليها نزيف، وكذلك مريض البواسير النازفة، والذي قام بخلع لأسنانه فإنّ الدم لا يفسد الوضوء إلّا إذا خرج الدم من مخرج البول أو الغائط، أما ما عدا ذلك فلا ينقض الوضوء سواء كان كثير أو قليل، فمثلاً الذي يصاب وهو على وضوء عليه بربط جرحه ويصلى ولا حرج في ذلك وصلاته صحيح بإذن الله وكذلك كما قلنا الذي يخلع ضرسه حتى إذا كان متوضأ يبقى على وضوئه بعد الخلع، فالدم الذي يخرج من الفم وقت الخلع لا يفسد الوضوء.
- المريض الذي لا يتحكم بنزول البول: الذي لا يستطيع التحكم في نزول البول أو الذي لا يتحكم في انفلات الريح، في هذه الحالة عليه الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقت الصلاة، وبعدها يصلي بسرعة ولا يفسد الوضوء الذي ينزل بعد الوضوء حتى وإن كان في الصلاة لأنه لا يستطيع أكثر من ذلك، وعليه أن يقوم بوضع قطعة من القماش كي لا ينتشر البول في الثياب.
- المريض الذي وضع له جبيرة، عل أحد أعضاءه أو الجبس، فيمكنه المسح عليها من الحدث الأصغر والأكبر، ويمكنه غسل باقي الأعضاء وإن لم يستطع فيمكنه التيمم.
- حالة المريض الذي يحتاج لعمل عملية ويضطر للخضوع للبنج الكامل، وفي هذه الحالة يغيب المريض عن الوعي لمدة لا يمكنه تقديرها، وعندما يستيقظ من البنج تكون الملابس الخاصة بالعمليات ملوثة بالدم أو أشياء أخرى، وفي هذه الحالة لا يستطيع تغيير ملابسه لأسباب مختلفة، وقد لا يمكنه التركيز والحركة بعد الخروج من العمليات، في هذه الحالة كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة؟ يكون ذلك من خلال الوضوء والصلاة قبل دخول غرفة العمليات إذا كان وقت الصلاة، ويفضل صلاة ركعتين لله قبل دخول غرفة العمليات، وكذلك يمكنك سؤال الطبيب عن تفاصيل العملية والوقت الذي ستبدأ فيه والوقت الذي ستنتهي منه العملية ويخرج وما مقدار الزمن الذي يبقى فيه المريض غائب عن الوعي، ومن خلال معرفة التفاصيل على الوقت التقديري للعملية يمكنه إذا كان يقدر الجمع بين الصلوات وذلك من خلال الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء جمع تقديم، وبذلك يضمن أدائه للصلاة، وبعد أن يفيق من تأثير البنج ويعود لوعيه عليه أن يسأل الطبيب إذا كان باستطاعته الوضوء، فإذا لم تستطع فيمكنك أن تقوم بالتيمم كما ذكرنا مسبقاً كيف تتم عملية التيمم، ويتم أداء الصلاة حسب قدرته إمّا قاعد، قائم، على جنب، أو برأسه وعينيه، ويقوم بتغيير الملابس ولبس ملابس نظيفة ولكن إذا كان لتغيير الملابس مشقة عليه فيمكن أن يبقى بالحالة التي هو عليها وتصح بذلك صلاته.
- المريض المصاب بالشلل النصفي أو الكامل: يتوضأ وبصلي بحسب ما يقدر إمّا قاعد، قائم، على جنب، مستلق على ظهره، أو برأسه وعينيه، ويكون ذلك حسب قدرته وإمكانيته.
- المريض المصاب بالغضروف: يحاول الصلاة بحسب قدرته واستطاعته فإمّا قاعد، قائم، على جنب، مستلق على ظهره، أو برأسه وعينيه، مع العلم أن حركات الصلاة تساعد على سرعة شفاء المرضى بعد إجراء العمليات الجراحية للغضروف في العمود الفقري.
كيفية أداء الصلاة للمريض يجب على المريض أن يصلى الفريضة وهو قائم، منحني، يتركز على عمود، أو يتركز على عصا، فإذا لم يكن بمقدوره الصلاة واقف يمكنه أداء الصلاة جالس والأفضل أن يكون متربع في موضع القيام والركوع ومفترش في حالة السجود، فإذا كان لا يستطيع الصلاة جالساً صلى على جنبه ويوجه نفسه إلى القبلة، وإذا لم يكن قادر على التوجه للقبلة يصلي كما كان اتجاهه ولا إعادة عليه، أما إذا كان لا يستطيع الصلاة على جنب فيصلي مستقيم وتكون رجلاه موجهة إلى القبلة والأفضل أن يرفع رأسه قليلاً ليتجه إلى القبلة فإذا لم يستطع أن تكون رجلاه إلى القبلة يصلي كما كان ولا يوجد عليه إعادة فصلاته صحيحة إن شاء الله، وعلى المريض إذا لم يستطع الركوع والجلوس فعليه الاماء برأسه وعليه أن يجعل السجود اخفض من الركوع فإنّ استطاع الركوع دون سجود ركع حال الركوع وكأنه سجود وإذا استطاع السجود دون الركوع سجد عند السجود وأومأ بالركوع، وإذا لم يكن يستطيع الإيماء برأسه في الركوع والسجود أشار بطرفه عينه، فعند الركوع يقوم بغمض عينيه قليلاً، وعند السجود يغمض أكثر، ويجب الإشارة إلى أن حركة الأصبع التي يفعلها البعض عند السجود والركوع هي غير صحيحة، أما إذا لم يستطع الإيماء برأسه ولا الإشارة بالعين صلى بقلبه فينوي الركوع والسجود والقيام والقعود بقلبه.
كما رأينا فديننا دين يسر فقد بسط الأمور إلى أبعد الحدود لكنه نهى وأبعد احتمال عدم الصلاة وتركها فترك الصلاة جرم فلا يمكن ترك الصلاة لأي سبب من الأسباب، وهذا دليل على حب الله للعبد فهو يسعد عند تقرب عبده له فالصلاة هي الرابط بين العبد وربه.