أجاز الله للمسافر سفرا طويلا بقصد مباح (زواج، تجارة حلال، عبادة ... الخ) أن يجمع بين صلواته بقصد التخفيف عنه. والجمع بمعنى ضم صلاة إلى أخرى في وقت إحداهما، كأن يجمع صلاة الظهر وصلاة العصر إما في وقت الظهر أو في وقت العصر، أو أن يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء إما في وقت المغرب أو في وقت العشاء. ودليل مشروعية ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير، ويجمع بين المغرب والعشاء" البخاري، ج1/أبواب تقصير الصلاة باب 13 / 1056. وبذلك إن تم الجمع بين الصلاتين في وقت الأولى كان جمع تقديم (مثلا جمع صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر)، وإن كان الجمع في وقت الثانية كان جمع تأخير (كجمع صلاتي الظهر والعصر في وقت العصر).
الحالات التي يجوز فيها الجمع:
- يجوز الجمع بين الصلوات إن كان المسافر مسافراً سفراً طويلاً ومباحاً؛ أي أن يكون هدف السفر يقع في نطاق الحلال والمباح مثل الزواج أو التجاة الحلال أو الحج أو العبادة أو أي هدف آخر من الأمور الدنيوية المباحة للمسلم، وأن تكون المسافة ثمانون كيلو مترا فأكثر.
- يجوز الجمع بين فروض الصلوات فقط دون السنن، ويكون بجمع صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء فقط، فلا تجمع صلاة الصبح إلى أي صلاة أخرى، كما لا تجمع إحدى الصلوات النهارية إلى صلاة ليلية أو العكس. أما عن صلاة الجمعة فيمكن جمعها مع العصر بشرط صحة صلاتها، ويكون جمعها في وقت الظهر فقط لأن وقتها هو وقت الظهر، فلا يجوز جمعها مع العصر في وقت العصر.
كيفية وشروط جمع الصلاة:
- النية: وتكون النية في جمع التقديم في وقت الصلاة الأولى، فينوي الجمع بين الصلاتين بأن يقول: نويت أن أصلي فرض الظهر مجموعا مع فرض العصر جمع تقديم. أما في جمع التأخير فيجب أن ينوي الجمع قبل الخروج من وقت الصلاة الأولى، وإن لم ينوي في وقت الأولى فإن الصلاة التي فاتته هي قضاء وليس جمعا.
- أن يبدأ بالأولى: وذلك لأن الأصل في الصلوات الترتيب، فلا يجوز أن يصلي الظهر قبل العصر. قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري، الأذان 595. وإن حدث وصلى الصلاة الثانية قبل الأولى وجب عليه أن يعيد الصلاة الثانية بعد الإنتهاء من الصلاة الأولى.
- الموالاة: أي القيام بالصلاة الأولى ثم الصلاة الثانية دون أي فاصل بينهما، حتى لو كانت صلاة نافلة، أو صلاة جنازة.
- أن تكون الصلاة صحيحة: فلو تذكر بعد الإنتهاء من الصلاتين أنه قد ترك ركناً من الصلاة الأولى وجب إعادة الصلاتين وجوبا لبطلان الصلاة الأولى بترك ركن منها مع تعذر تداركه بطول الفصل وبطلان الصلاة الثانية لفقدان الترتيب. أما لو ترك ركنا من الصلاة الثانية وطالت المدة حتى تذكر ذلك، وجب عليه إعادة الصلاة الثانية فقط في وقتها. أما إذا تذكر قبل أن تطول المدة يجب عليه تدارك الخطأ بسجود السهو والتالي تصح الصلاتين.
- استمرارية السفر: أي أن يستمر السفر من قبل دخول وقت الأولى حتى وقت الإحرام بالثانية في جمع التقديم، واستمرار السفر من قبل الأولى حتى تمام الثانية (في المذهب الشافعي) واستمرار السفر من قبل الأولى حتى وقت الثانية (أي أنه إذا وصل بعد جمع التأخير في الثانية وقبل دخول وقت الصلاة التي بعدها كان الجمع صحيحا عند المذهب الحنبلي) في جمع التأخير.