جاءت الشريعة الإسلاميّة بالاعتدال والوسطيّة فلا غلوّ ولا إفراط ولا تفريط، فهو منهجٌ صالح لكل زمان ومكان، وبالاضافة إلى وسطيّته فقد جاءت تشريعاته متوافقة مع طاقات البشر فلا يُكلّف الله نفساً إلا وسعها، وفي الالتزام بالفرائض التي أوجبها الله على عباده المؤمنين سعادةٌ لهُم فالذين يعملون الطاعات هُم أكثر الصدور انشراحاً وأكثرهم قبولاً على الدُنيا بقلبٍ سليم من الأهواء والأمراض التي تعتريه.
ومن أجلِّ وأعظم العبادات التي شرعها الله وفرضها على عباده المؤمنين هي عبادة الصلاة وهيَ الركن العظيم من أركان الإسلام وأوّل ما يُسأل العبد عنهُ يوك القيامه، فإن صلحت صلاته فقد صلَحَ سائر عمله، والصلاة لا يقبلها الله منا إلاّ إذا أدّيناها كما أدّاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي أمّرنا أن نصلّي كما صلّى عليه الصلاة والسلام.
وللصلاة شروط وأركان وواجبات يجب التقيّد بها، ومن شروط الصلاة هو شرط الطهارة الذي يتحقّق بالتخلّص من النجاسة، والحدث الأكبر وهو الحيض، والجنابة، وكذلك الحدث الأصغر الذي يتم التخلّص منه عن طريق الوضوء، حيث إنّ الشريعة الإسلامية تحمل في طيّاتها التخفيف عن المُسلمين فإنّ من التخفيف الذي اقتضاه الدين هوَ المسح على الجوربين للتخفيف على المتوضئ بدلاً من أن يقوم بخلعهما كاملين وغسلهما في الوضوء الكامل، وخصوصاً في الظروف التي يكون فيها الطقس يتّسم بالبرودة الشديدة، أو في حال عدم المقدرة على خلع الجورب أو الحذاء بشكل عام، وللمسح على الجوربين أحكام خاصّة سنتطرّق للحديث عنها في هذا الموضوع.
المسح على الجوربين: دليل مشروعيته وكيفيته
المسح على الجوربين جائزٌ بدليل قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي يرويه المُغيرة بن شعبة (أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم توضأ ومسحَ على الجوربين والنعلين) وهذا حديث صحيح، ويكون المسح على الخفين بشرط أن يلبسهم وهو على طهارة ووضوء لحديث النبيّ صلّى لله عليه وسلّم والذي رواه أيضاً المُغيرة بن شُعبة رضيَ الله عنهُ قال:( كُنتُ مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة في مسير، فأفرغت عليه من الأداوة فغسل وجهه وذراعيه، ومسحَ برأسه، ثمّ أهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسحَ عليهما).
كيفية المسح على الجوربين تتمثّل بالقيام بمسح ظاهر الجورب وليس باطنهُ من أسفل، فقد كانَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يمسح على ظاهر خفيّه وما ينطبق على الخفّين ينطبق على الجوربين بطبيعة الحال، وهذا المسح ليس مُطلقاً حيث يبطل بانقضاء مدّة المسح وهي ثلاثة أيام وليالي للمسافر، ويوم وليلة للمقيم، كما ويبطل أيضاً لمن أصابته الجنابة أو نزع الجوربين الذين مسحَ عليهما.
المقالات المتعلقة بكيفية المسح على الجوارب