من رحمةِ الله بعبادهِ المخلصين المصلين أن شرع لهم ما يَجبر الخلل والخطأ في صلاتهم، ويَسَّر لهم الأمرَ، بأن جعل نَبيَّ الله عليه الصلاة والسلام يَسهو فيسجد سجود السهو، وذلك لتقتدي بهِ الأمّةُ من بعدهِ، فقد تعلم المسلمون سجود السهو من أداء الرسول الكريم لسجود السهو في الصلاة.[١]
وقد رُوي أنَّه (صلَّى النبيُ صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نَقَصَ، فلما سلّم قيل له: يا رسولَ اللهَ، أَحَدثَ في الصلاةِ شيءٌ؟ قال: وما ذاك. قالوا: صلَّيْتَ كذا وكذا، فثنى رِجْلَيْه، واستقبلَ القبلةَ، وسجد سجدتين، ثم سَلَّم. فلما أقبل علينا بوجهِه قال: إنه لو حدث في الصلاةِ شيءٌ لنبأتُكم به، ولكن، إنّما أنا بشرٌ مثلُكم، أنسى كما تنسوْن، فإذا نَسِيتُ فذكروني، وإذا شك أحدُكم في صلاتِه، فليتحرَّ الصوابَ فليُتِمَّ عليه، ثم ليُسلِّمْ، ثم يَسجُدْ سجدتين).[٢]
تعريف سجود السهو لغةالسجود في اللغة: مُطلق الخضوع، سواءً كان الخضوع ُبوضعِ جبهة العبد على الأرض، أو كان بطريقة، أو علامة أخرى؛ كالطاعة مثلاً، وسجد سجوداً أي خضع، وتطامن، ووضع جبهته على الأرض، فهو ساجد.[٣]
السهو في اللغة: الغفلة عن الشيء ونسيانه،[٤] ويُعرّف أيضاً بأنّه ترك العبد الفعل من غير علمٍ منه، فإذا قِيل فلانٌ سها، فالمقصود أنّه تَرك الفعلَ من غير قصد بل نسياناً وغفلةً بغيرِ علم، وإن قِيل سها عن كذا، أي ترك الفعلَ وهو عالم بذلك.
فاللغة تُفرقُ بين قول فلانٌ سها، وبين قول فلانٌ سها عن كذا، وليس هناك فرقٌ في اللغةِ بين لفظ النسيان ولفظ السهو، بل يرى الفقهاء أنَّ السهو، والنسيان، والشك مترادفات لها معنى واحد، وإنَّما يُفرق الفقهاء بين هذه الألفاظ الثلاثة وبين الظنّ؛ فيقولون: إنَّ الظنّ معناه إدراكُ الطرفِ الراجح، أي إذا ترجَّحَ عند العبد أنَّهُ فعل الفعل كان بذلك ظاناً، على خلاف السهو، والنسيان، والشك، فإنَّ هذه الألفاظ تستوي عند إدراك الفعل وعدمه، دون أن يُرجّح أنَّهُ فعل الأمر، أو لم يفعلهُ.[٥]
تعريف سجود السهو اصطلاحاًعرَّف الفقهاء سجود السهو: بأنَّهُ الفعلُ الذي يكونُ في آخرِ الصلاةِ، أو بعدها؛ وذلك لجبرِ خللٍ حصل، إمّا لتركِ المصلي شيئاً مأموراً بفعلهِ، أو فعل بعض الأمور المنهي عنها، دون تَعمُّد منه.[٦]
كيفية أداء سجود السهوسجود السهو سجدتان، كالسجود في الصلاة تماماً، حيث يُكبِّر المُصلي عند كل خفضٍ ورفعٍ، وبعد ذلك يُسلِّم، سواء كان السجود قبل التسليم أو بعدهُ.
سجود السهو قبل التسليم: وسجود السهو قبل التسليم يَدُل عليه الحديث الذي يرويه ابن بجينة: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قامَ في صلاةِ الظهرِ وعليه جلوسٌ، فلما أَتَمَّ صلاتَه سَجَدَ سجدتين، يُكَبِّرُ في كلِّ سجدةٍ وهو جالسٌ قبل أن يُسَلِّمَ، وسَجَدَهما الناسُ معه؛ مكان ما نسي مِن الجلوسِ).[٧]
سجود السهو بعد التسليم: إنّ سجود السهو بعد التسليم ثابت، ففي حديث أبي هريرة: (سمعتُ أبا هريرة يقولُ: صلى بنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العَشِيِّ إمَّا الظهرِ وإما العصرِ، فسلَّمَ في ركعتين، ثم أتى جِذْعًا في قَبْلَةِ المسجدِ، فاستنَدَ إليها مُغْضبًا، وفي القومِ أبو بكرٍ وعمرُ، فهابَا أن يتكلما، وخرج سَرَعَانُ الناسِ: قَصُرَتِ الصلاةُ، فقام ذو اليدين فقال: يا رسولَ اللهِ، أقصُرَتِ الصلاة أم نسيتَ؟ فنظرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يمينًا وشمالًا، فقال: ما يقولُ ذو اليدين؟ قالوا: صدق، لم تصلِّ إلا ركعتين، فصلَّى ركعتين وسلَّمَ، ثم كبَّرَ ثم سَجَدَ، ثم كبَّرَ فرفَع، ثم كبَّرَ وسجَدَ، ثم كبَّرَ ورفعَ. قال: وأُخبِرْتُ عن عِمرانَ بنَ حُصَينٍ أنه قال: وسلَّمَ. وفي رواية: صلى بنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشيِّ).[٨]
ولا يتشهد المُصلي بعد سجدتي السهو، وذلك لعدم ثبوته عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنّما اعتمد من قال بالتشهد على الحديث الذي رواه عمران بن حصين: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بهم فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلَّم)، وهذا الحديث شاذٌ لا يصح.[٩]
أسباب سجود السهو لسجود السهو ثلاثة أسباب؛ الزيادة والنقص والشك، وهذه الأمور الثلاثة يجب فيها سجود السهو، وهناك أربع حالات لسجود السهو، وهي:[١٠]المقالات المتعلقة بكيفية أداء سجود السهو