يعدّ الحج أحدَ أركان الإسلام الخمسة التي لا يصحّ إسلام العبد إلّا بالإيمان بها وأدائها حسْبَ ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة، والحج شكلٌ من أشكال العبادة التي يتقرّب بها العبد من الله تعالى طلباً لرضاه عزّ وجل ومغفرة الذنوب والفوز بنعيم الجنة، وهو مشروعٌ منذ زمن سيّدنا إبراهيم عليه السلام، حيثُ أمره الله تعالى بدعوةِ جميع الناس لتلبية نداء الحج، فنادى إبراهيم عليه السلام إلى الحجّ وبقدرته عز وجل سمع النداء جميع الخلائق حتّى البشر الذين لم يخلقوا وما زالوا في ظهور آبائهم ليبقى الحج قائماً إلى يوم القيامة، قال تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج: 27]
يعدُّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم قدوة المسلمين في جميع أفعاله وأقواله وكلّ ما يصدر عنه من إقرارٍ لبعض الأفعال، وقد كان متبعاً لرسالة سيّدنا إبراهيم عليه السلام، لذلك اتبع الصحابة الرسول في جميعِ ما جاء به، ومنه مناسكُ الحجّ والعمرة.
عدد حجّات الرسول صلى الله عليه وسلّمبعث الله تعالى سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً للأمة كافةً، وأنزل القرآن الكريم عليه بالوحي ليكونَ بمثابة الدستور الربانيّ الذي يحكم المسلمين في جميع جوانب حياتِهم، كما أيّده الله عزّ وجل بالصدق، فالنبي صلى الله عليه وسلّم صادقٌ بكلّ ما جاء به ولا ينطق عن الهوى، وإنما هو يوحى إليه من الله عزّ وجل.
أمر الله تعالى سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم بتأدية فريضة الحجّ، وجعلها واجبةً على المسلم القادر عليها مرةً واحدةً في العمر في السنة السادسة للهجرة أو السنة التاسعة للهجرة، ولكن الأغلب أنها السنة التاسعة للهجرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لبّى نداء ربّه في السنة العاشرة من الهجرة وحجّ إلى البيت الحرام، وسمّيت بحجة الوداع لأنّها كانت الحجة الأخيرة له صلى الله عليه وسلّم قبلَ وفاته، ولو جاء أمْر الحجّ في السنة السادسة للهجرة للبّى النبيّ نداء ربّه ولم يؤخّره طيلة هذه المدة.
عددُ حجّات النبي صلى الله عليه وسلّم بعد البعثة وبعد الهجرة إلى المدينة المنورة وبعد فرْض الحج حجةً واحدةً كما في الصحيحين والترمذيّ، ولفظ الترمذي عن قتادة قال: ((قلت لأنس بن مالك كم حجّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: حجّة واحدة، واعتمر أربعَ عمر، عمرة في ذي القعدة، وعمرة الحديبية، وعمرة مع حجّتِه، وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة حنين))، لكن يشير الفقهاء إلى أنّه عليه الصلاة والسلام حجّ مرتين قبل الهجرة إلى المدينة المنوّرة.
المقالات المتعلقة بكم عدد حجات الرسول