الثلث الأخير من الليل يعد قيام الثلث الأخير من الليل من العبادات المفضلة عند الله تعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم لا يتركها، وقد أشار -عليه السلام- بأنه عز وجل يتنزّل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا فيستجيب لمن يدعوه ويعطي من يسأله، قال صلى الله عليه وسلّم (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا حيث يبقى ثلث الليل الآخر ثم يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له)[متفق عليه] وقد خصّ الله تعالى عباده الذين يقومون الثلث الأخير من الليل بالأجر العظيم لأن القائم يهجر فراشه الدافئ والنوم المريح ليعبد الله عز وجل والناس نيام، لذلك فعلى المؤمن حقاً استغلال هذا الوقت.
يمكن تحديد وقت الثلث الأخير من خلال حساب المدة ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ثمّ تقسيم هذه المدة إلى ثلاث أقسام بالتساوي فيظهر وقت الثلث الأخير، ويكسب المسلم أجر قام الثلث الأخير أي وقتٍ قامه، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان يقوم الليل في اثنتي عشرة ركعةً، فيسن للعبد اتباع سنته عليه السلام، كما يسن قراءة مئة آية في الصلاة فيُكتب مع القانتين لله عز وجل.
فضل قيام الثلث الأخير من الليل - الحصول على مدْح الله تعالى لمن يقيم الليل ومن ضمنها الثلث الأخير، قال عز وجل (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ¤فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة:16،17]، وليس هناك أعظم من مديحٍ قادمٍ من رب الكون أجمعين.
- تحقيق علامات المتقين، كما قال عز وجل (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ¤ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ)، ثمّ قال (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ¤وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 15-18]، وقد استحقوا هذه المنزلة لأنّ في قيام الليل مجاهدة للنفس والشهوات.
- لا يستوي الذي يقيم الثلث الأخير من الليل مع الذي نام أو أمضى وقته على الفضائيات ومشاهدة التلفاز والسهر، فالقائم يجلس بين يدي الله خائفاً متضرعاً ليغفر له ويرحمه ويستحق هذه المنزلة.
- تحقيق الخشوع في صلاة قيام الثلث الأخير، وامتيازها بالإخلاص لأن القائم يقوم لوحده بعيداً عن أعين الناس النيام ممّا يضمن نقاء نيته ويحميه من دخول الرياء إلى قلبه.
- الدخول إلى الجنة، فقيام الليل يوجب للمؤمن دخول جنة الله تعالى، وقد وضّح النبي -صلى الله عليه وسلّم- بأنّ من قام الليل يدخل الجنة من دون عذابٍ.
- كسْب شرف المؤمن، فالبعض يظن أنّ الشرف يأتي بالمال، أو المناصب، أو الشهادة ولكن وضّح النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّ قيام الليل هو شرف المؤمن، وذلك لأن قيام الليل دليلٌ على قوة إيمان العبد وإخلاصه وثقته بالله تعالى.