يعدّ عمر ابن الخطاب من أشهر الشخصيّات الإسلامية في التاريخ، فمواقِفه وشخصيته سطّرت له سطوراً مشرِّفةً ومبهرِةً. هو أبو حفصٍ عمر بن الخطاب العدويّ القرشيّ، ثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكرٍ الصدّيق رضي الله عنهما، وقد لُقّب بالفاروق بسبب قدرته على التفريق بين الحق والباطل، فكان قاضياً وخبيراً اشتُهر بقدرته على إنصاف الناس بالعدل من المظالم، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين، وبلغ الإسلام في عهده مبلغاً عظيماً، كما كان أوّل من أدخل القدس إلى الحكم الإسلامي لأول مرةٍ، وقد امتاز بعبقريته العسكرية التي أدّت إلى فتح بلاد الفرس خلال عامين رغم تفوّقها على المسلمين عدداً وعدّةً.
عمر ابن الخطاب قبل الإسلاموُلِد عمر ابن الخطاب في مكة المكرمة بعد عام الفيل بثلاثة عشر عاماً، وقد نشأ وترعرع فيها، وكان يَدينُ بالوثنيّة كما هو حال النّاس في ذلك الوقت، كما كان يَشرب الخمرة، لكنه امتاز عن قريشٍ بتعلّمه للقراءة، كما كان يُجيدُ المصارعة والفروسية وركوب الخيل والشعر، وكان يحضرُ أسواق العرب المتعدّدة، ومن أهمها سوق عكاظ الذي يتبادل فيه الناس الشعر والخطابة.
من الأعمال التي اتّصف بها الناس في الجاهلية، وعمر ابن الخطاب منهم، وأد البنات لتفضيل الذكور وعدم الرغبة بوجود البنات في العائلة، حيث إنهم بحاجة إلى الذكور في التجارة والحروب والصيد وغيرها، وقد وضّح الله تعالى في القرآن الكريم كيف أنّ الرجل عندما يُبلَّغ بالأنثى يَسْوَدّ وجهُه من الغيظ، وقد وأد عمر ابن الخطاب ابنته بعد أن حفر لها حفرةً في التراب، وما يُحزِن أنها كانت تمسح التراب عن لحيته رضي الله عنه، ومع ذلك دفنها حيةً.
عانى عمر ابن الخطاب من الفقر والعَوز والحاجة، ممّا أكسبه المزيد من الصلابة والقوّة، وجعله أكثر تحمّلاً للمسؤولية، ثمّ عمل بالرعي والتجارة فزادت ثروته، حيث إنه حين آمن كان يعدّ من أثرياء قريش، وتدلّ النصوص أنّ ذلك بسبب التجارة.
كان عمر ابن الخطاب من أشدّ الناس تعذيباً للمسلمين، وقد نال تعذيبه أقرب الناس إليه، أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عندما أسلما، وكانت له جاريةٌ عذّبها عذاباً شديداً عندما أسلمت، وهي جارية بني المؤمل وهم من بني عدي ابن كعب، فكان عمر يضربها ويعذبّها من الصباح حتّى المساء، ثمّ يتركها ليس رحمةً ورأفةً وإنّما مللاً من التعذيب.
ممّا يدل على مكانة عمر ابن الخطاب بين النّاس في الجاهلية، أنه عندما أسلم ذاع خبر إسلامه بشكلٍ كبيرٍ، حيث كان هناك شيخٌ كبيرٌ من شيوخ سوق (عكاظ) قافلاً إلى بلدته، فالتقى بمن يقول له: "هل علِمتَ النبأ العظيم يا أخا العرب؟ فقال هذا الشيخ: وأي نبأ عظيم؟ قال: ذلك الرجل الأعسر اليسر، ويتساءل الشيخ قائلاً: الذي كان يصارع في سوق عكاظ؟ قال: أجل هو، قال: ما باله يا فتى؟ قال: لقد أسلم واتّبع محمدًا".
المقالات المتعلقة بعمر بن الخطاب قبل الإسلام