يُعتبر التواصل الاجتماعي تقنية من التقنيات التي تقوم على فهم التفاعلات البشرية، وهو علمٌ قائمٌ بذاته، له أساليبه الخاصة به ومقوماته وأشكاله المحددة، ويمكن تشبيهه بأنّه الوعاء الذي تستقي العلوم الأخرى منه الوسائل والتقنيات لإنجاز أهدافها وتحقيق ما تسعى له من غايات، ومُنطلق مفهوم التواصل يأتي من الآية الكريمة التي تُذكّر الناس بوحدة أصلهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[١].
وقد فسّر علماء التفسير كالألوسي هذه الآية، فقال: إنّ العلة من جعل الناس شعوباً هو التعارف، وعليه فإنّ التواصل بين الناس هو سلوكٌ فطري وتفاعلٌ اجتماعي يتضمن التوضيح والإقناع، وإزالة سوء الفهم، فهو أسلوبٌ يُظهر فيه الفرد رغبته في التعاون مع الآخرين؛ إذ من الممكن أن يكون التواصل مُباشراً؛ كاللقاءات الشخصية بين الأفراد أو بين الجماعات، أو غير مباشرٍ، كما هو الحال في الكلمة المسموعة أو المرئية، أو الإلكترونية ، وقد ذكر الله سبحانه الهدف والغاية التي من أجلها أنعم على الإنسان بالحواس العديدة، والتي بها يتم التواصل مع الآخرين، فقال: (وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[٢]، فقد بيّنت الآية الكريمة أنّ نعمة حواس التواصل أوجدها الله في الإنسان ليتتبّع آيات الكون ويعبد الله حق عبادته.[٣]
هناك العديد من النصائح والأساليب التي تُفيد من أراد أن يمتلك فن التعامل مع الناس، وهي كالآتي:[٤]
يتفق الباحثون على أنّ لغة الجسد لها أهميةٌ كبيرةٌ في عملية التفاوض في المواقف العديدة بين الأشخاص، ومن الجدير بالذكر أنّ الكثير من الناس يفتقرون إلى إدراك معنى المسافات، وكيفية قراءة لغة الجسد عند الآخرين، فهذه اللغة تظهر بصفةٍ خاصةٍ من خلال مراقبة الفرد للتلميحات، والإشارات غير الشفهية، ويُعتبر التواصل غير الشفهي من العمليات المعقدة، التي تعتمد على الصوت، والنبرة، والطبقة، والنغم، وحركات الجسد، فهناك شيءٌ يدعى الجسد الناطق، فما يخفيه المرء بكلامه، يظهره الجسد بواسطة الإيماءات، والإشارات التي تُبث منه، وبعبارةٍ أخرى فإنّ لغة الجسد هي: وسيلة التواصل بين الناس، التي لا تعتمد على الكلمات المحكّية، أنّها الوسيلة غير الناطقةِ، وهي الوسيلة الأكثر استعمالاً في العالم، والتي تؤمّن للفرد سبل النجاح.[٥]
قد يتسرّع البعض من الناس، ويُظهر الشخص ما فيه من غضبٍ وغيظٍ أمام الطرف الآخر، ويستخدم في ذلك صوته المرتفع وأسلوبه العدواني، فإنّ هذه الوسائل قد تكون سبباً في بُعد الآخرين عنه، وتجنّب الحديث معه، يقول ودرو ولسن: (إذا جئتني معلناً المبارزة، أعدك أنّ قبضتي ستكون أقوى من قبضتك، أما إذا جئت إلي وقلت: دعنا نتبادل الرأي، فحتى إذا اختلفنا، فلن نلبث أن نجد أنّنا نتفق في الكثير).
فهذا روكفلر الذي كان يُسيطر على أكبر شركات الفحم في كولورادو، استطاع أن يمتصّ غضب وثورة أكبر الإضرابات العمالية عنفاً في ولاية أمريكية، فلم يُهدّد ولم يتوعد ولم يستخدم العنف في أسلوبهِ، بل بدأ خطابهُ بالمديح، حيث قال: أنّ هذا اليوم هو أعظم أيام حياتهِ لأنه التقى بهم، وأنه فخورٌ لوجوده معهم، وأنّهم بمثابة الأخوة لهُ، بهذه الطريقة استطاع روكفلر كسب ودّهم والتقرّب إليهم، وعادوا إلى أعمالهم دون المطالبة برفع الأجور التي جاؤوا غاضبين من أجلها.
يقول لنكولن: (إنّ قطرة من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصيد برميل من العلقم)، وهكذا بالنسبة للتعامل مع الناس، فإذا أراد الانسان أن يكسب شخصاً فعليهِ أن يُظهر له مدى صداقته، وأنّه الصديق المخلص له، ولذلك فإنّ التعامل مع الآخرين برفقٍ ولين وترك العنف والغضب جانباً هو أنجح الوسائل في كسب الأعداء وتحويلهم إلى أصدقاء.[٦]
المقالات المتعلقة بطريقة فن التعامل مع الناس