منزلة حافظ القرآن الكريم أكرم الله سبحانه وتعالى أصحاب القرآن الكريم بكراماتٍ كثيرة وخصّهم بخصائص عديدة، وأعطاهم من المزايا ما لم يُعطِ أحدًا من قبل، وجعل قلوبهم أوعيةً لحمل القرآن الكريم وصدورهم مصاحف تحفظ الآيات وتمشي بها بين الناس، وهذه الخاصيّة لحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب هي ما تمّ الاعتماد عليه في نقل القرآن وتلقّيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرفًا حرفًا دون إهمالٍ للحركات والسكون.
لم يَدَع رَسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أمرًا فيه تشجيعٌ وترغيب على حفظ الكتاب العظيم إلا وسلكه وأخبر به صحابته رضوان الله عليهم، فكان عليه الصلاة والسلام إذا بعث جماعةً يوصي أن يكون إمامهم في صلاتهم أكثرهم قراءةً للقرآن -وأكثرهم حفظًا-، كما أنّه إذا مات جمعٌ من الصحابة كان يُقدّم للحد في القبر أكثرهم حياةً مع القرآن وأخذًا له، و كذا كان يزوّج الرجلَ المرأةَ ويجعل مهرها ما يحوي صدر هذا الرجل من القرآن الكريم حفظًا، وكلّ هذا ما هو إلا تشريفٌ لأهل القرآن وحامليه الذين يُغتبطون لهذه النعمة العظيمة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فهو يقومُ به آناءَ الليلِ وآناءَ النّهار ، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار) [صحيح] فالغِبطة هنا تمنّي مثل هذه النعمة وعدم زوالها عن صاحبها؛ لأنّها سترفع أهلها درجاتٍ يوم القيامة، وسيلبسون بها تاج الكرامة وينالون من بعد ذلك الفوز الأعظم ألا وهو رضوان الله تعالى.
طرق حفظ القرآن الكريم - عَلى من أرادَ حِفظ القرآن الكريم أن يسمع من شيخٍ مُتقن القدرَ المطلوب منه حفظه في ذلك اليوم، ثم يقرأ هو من المصحف قراءةً مرتّلة مُراعيًا فيها أحكام التجويد فهذا ممّا يعمّق الحفظ ويرسّخه أكثر -يكرّر القراءة ما استطاع- ثم يحفظ الآيات المحدّدة آيةً آية، ويردّدها أكثر من مرة حتى يحفظها جيدًا ثم يجمع الآيات مع بعضها فالآية الأولى مع الثانية فالثالثة فالرابعة إلى نهاية الوِرد.
- يبدأ طالب حفظ القرآن الكريم بتحديد القدر الذي يستطيع أن يحفظه في اليوم الواحد، ثم يقرأه على شيخٍ مُتقن فيصحّح له الأخطاء في القراءة، ثم يبدأ بالحفظ وتكرار الآيات بالتغنّي؛ لدفع الملل الذي قد يحصل أثناء الحفظ ولأن التغنّي مُحبّب للأذن؛ فبذلك يثبت الحفظ بإذن الله تعالى، وإذا ما اختلّ وزن نغمة القارئ في تلاوته يعلم حينها أنّ ثمة خطأ قد حصل فيُعيد ويصحّح قراءته.
- بعد وضع خطّة وتحديد مقدار الحفظ اليومي يبدأ طالب حفظ القرآن الكريم بذلك؛ فيقرأ في ليلته قبل النوم القدر المطلوب حفظه في اليوم التالي من المصحف، ثم يسمعه من مسجّل بصوت أحد القرّاء، ثم يصحو لصلاة الفجر ويرجع بعدها فيقرأ من المُصحف من جديد ويُغلق بعدها المُصحف ويبدأ بترديد ما علق في ذهنه من الآيات، فإذا أخطأ يرجع فيفتح مُصحفه ويتأكّد من حفظه ثم يُكمل، ويُكرّر هذا إلى أن يُتمّ وِرده، ويقرأ ما حفظه في يومه في كل صلاةٍ نافلة في ذلك اليوم.
- تقسيم الحفظ مع استخدام وسائل التقنيات الحديثة كالهواتف النقالة والحواسيب وغيرها؛ فمثلًا يستطيع أن يقرأ وِرده المطلوب منه ويُسجّله في الهاتف، ثم يسمع تسجيل صوته مرارًا وتكرارًا، ويبقى يردّد الآيات مع نفسه عدة مرات إلى أن يتقن حفظها.