لا تسيرُ الحياة على الأرضِ بودٍّ دائمٍ أبداً، إنّما تتخلّلها النّزاعاتُ وتحدُثُ فيها الخلافات؛ حيثُ يُعدُّ الاختلافُ بين النّاس سُنةً سنّها الله في كونه،[١] قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ).[٢]
لا تَستطيعُ المُجتمعات البشريّة أن تعيشَ على مبدأ الاتّفاق دون أن يكونَ هناكَ تنازعٌ أيضاً؛ إذ إنّ التنازُع مُحرّكٌ يُحرّك الشعوب للأمام، حيثُ إنّ الاتفاق والاتحاد يخلِقُ تماسك المجتمعات، إلّا أنّه في ذات الوقتِ يخلُق الجمود ويقتل التطوّر ويُقعِد الشعوب عن التكيّف للظروف المستجدّة.[٣]
النزاعاتإنّ النزاعات -على كثرة سلبيّاتها- تؤدّي للحركة والتّطور إنْ قامت على أسسٍ وقيمٍ ومبادئ لا على على أسسٍ شخصيّة، فالمجتمعُ المتحرّك هو من يشملُ داخل أحضانه فئتين مُختلفتين على الأقل، حيثُ تقوم كلّ فئةٍ بالدّعوةِ لأنواعٍ مختلفةٍ من المبادئ والقيم التي تدعو لها الأخرى، مما يقلِب حالَ التّقليد ويُحرّك المجتمع خطواتٍ للأمام.[٣]
مفهوم النِّزاعاتيُعرّف أستاذ العلوم السياسية إدوارد عازر النّزاع بأنّه الصّراع الاجتماعيّ والصِّدام الممتدّ والذي يحصلُ في غالب الأحيان بين طرفين لأجلِ حاجات الإنسان الأساسية كالأمن، والاعتراف بالآخر والقبول به، وإيصال المشاركات الاجتماعية والسياسية.[٤]
عرّفت محكمة العدل الدولية النّزاع عبرَ قرارها في حقّ قضيّة المرور في الأراضي الهندية بأنّه عدمُ الوفاق في مسألةٍ من القانون أو الواقع بين طرفين مُعيّنين، أو هو التّعارُض في المصالح أو الدّعاوي القانونية بين طرفين، [٥] كما عرّفه علماء النّفس والاجتماع، بأنّه التّنافسُ بين طرفين سواءً كانوا أفراداً أم جماعات في المجتمع.[٦]
مفهوم حلّ النِّزاعاتيُعرّف حلّ النّزاع بأنّه وَسيلةٌ لحلّ المشاكل والخلافات بين طرفين دون الاحتكام إلى الجهات الرسمية، وهو خطوةٌ أولى وفرصةٌ جيّدة للوصول إلى توافقٍ بخصوص الكثير من المشاكل؛ كالنزاع بين الأزواج والجيران، وفي مكان العمل، وبين المُلّاك والمستأجرين، والنّزاع على الخدمات والسِّلع.[٧]
طرق حلّ النزاعاتتوجدُ الكثير من الطُّرق المتّبعة لحلّ النزاعات، ومنها:
التّفاوضالتفاوض (بالإنجليزية:Negotiation) هو الجهد المبذول من قبل طرفي النّزاع للتوصّل إلى اتفاقٍ يُحقّق مصالحهما، وتُعدّ خطوةً أولى جيّدة لكثير من أنواع النِّزاع.[٨] للتّفاوض أربعةُ أسسٍ رئيسيةٍ ليتحقق بنجاحٍ، هي:[٩]
يَتميّز المُفاوض الناجح بصفاتٍ عديدة، منها:[٩]
الوساطة (بالإنجليزية:Mediation) تُعرّف بأنّها الجهدُ المبذول من قبل طرفٍ ثالثٍ مُستقلٍ عن أطرافِ النِّزاع، ويتمتّع بالحياديّة والشّفافية لمساعدة أطراف النّزاع على إدارة أو حلّ النّزاع، وتَختلفُ شرعيّة الطّرف الوسيط وأسلوب تدخّله تبعاً لثقافة المُجتمع الّذي حصل فيه الخلاف،[٨] وتُعتبر الوساطة غير ملزمةٍ للأطراف؛ كونها لا تُعدُّ حكماً واجبُ التّنفيذ، إلّا في حال توافر نصّ أو قانون في ذلك.[١٠]
التّحكيمالتحكيم (بالإنجليزية:Arbitration) يُعرّفُ بأنّه الأسلوب الذي يقومُ به الطّرف الثالث المُتدخِّل في حلّ النزاع أو إدارته، والمُكلَّف بإصدار قرارات مُلزمة للأطراف المتنازعة، ويُعدّ التّحكيم أسلوباً يُستخدم على نطاقِ النّزاعات الدّولية وفي المؤسسات الاقتصادية، كما يُعدّ رائجاً في المجتمعات التّقليدية، وهو أكثرُ الطُّرق قرباً من النّظام القضائي إلّا أنّه أكثرُ من الأخير سرعةً وأقلّ رسميّةً.[٨]
التّقاضييعدّ التقاضي (بالإنجليزية: Litigation) الأكثر شيوعاً في طرقِ حلّ النزاعات؛ إذ تتجّه الأطراف المتنازعة لجهةٍ مدنيّة للفصل بينها، ويُصار تحديد الحكم إلى قاضٍ ومُحلّفين؛ إذ يهتمّون بسرد الأدلة والاستماع للمعلومات المنقولة.[١١]
أنواع النزاعاتتُصنَّفُ النّزاعات إلى عدّة أنواعٍ هي:[١٠]
المقالات المتعلقة بطرق حل النزاعات