فلسطين هي وطن وقضية ومع تعدد المصائب وتعدد الحروب والنكبات والقضايا تتحمل فلسطين قضيتنا الأساسية التي لا يمكن نسيانها، وهنا في هذا المقال جمعتُ لكم شعر عن فلسطين أتمنى أن ينال اعجابكم.
هل ستعود البسمة من جديد إلى أطفال فلسطين
هل سيسعد الجيل الذي يخرج من بطن أمه ولا يرى الدمع في عين أمه
كتير تساؤلات عم تحيرنا نحنا الشعب الفلسطيني
بس يا ترى رح يجي يوم وتحقق أحلامنا وأمانينا
أي، أكيد رح يجي يوم وننتصر فيه على العدو
والعربُ ما تركوا الإصرار
على التعامي على التغابي
على طريق الانحدار
المسجد الأقصى ينهار
والمسلمون في الانتظار
ما في خِلاف ٍ أوشجار
فجميعهم رهن الحصار
لا شخص يولّيه اعتبار
وكأنَّه ُ كابوس حُلم ٍ
حتَّى يصحوفي نهار
المسجد الأقصى المنار
في القدس نادى مَن يغار
حرمٌ وأولى القبلتين
رماهُ كُفَّارٌ بِنار
مسرى الرسول المصطفى
منعوا ارتحالَه والمزار
واستأجروا دول الجوار
واستعمروا أرض العراق
وأقام صهيونٌ الجدار
قد قسَّموا سُّوداننا
صومالنا خاض الغِمار
قد حاصروا لبناننا
والعرب ما عرفوا الحِوار
قُلها، وعجِّل باختصار
ماذا لديك، من الأنباء
وبماذا جئت من الأخبار
ولماذا تشرح بالصراخ
نريد أن يغفوالحمار
وطنٌ غنيٌّ أبله
بالفقر يشكومن الزُّحار
والكلُّ يمضي مع الدوار
والخوف يستبق الخُطىَ
وعلى مسار الانتحار
في ساحهِ سكر اليهودُ
ودنَّسوه بلا وقار
وأحاطوا أرضه ُ بالتهويدِ
بِدعوى نشر الازدهار
حرقوه حفروا تحتهُ
أنفاق تجري في الجِهار
هدُّوا أساسه ُ عُنوَةً
فالهدم ثم الاعتذار
والعرب غرقى في الفساد
على سبيل الانتصار
قد شغلهم صعب اختيار
ما بين ذل وبين عار
هذا يُندَّد ذا شجب
أوذا يُطالب باقتدار
أول أباح دُنى الخمور
ثاني أتاح هوى القمار
ثالث أراح رؤى الفجور
رابع أزاح دجى الستار
خامس يُبالغ في القشور
سادس يُناقش في الخمار
سابع يُحلِّل في البحور
حتَّى متى هذا المُرار
هذا رعىَ أعلى شِعار
كي نحيا وهم الانبهار
وذا رمانا إلى القرار
حتَّى يعوق الانفجار
وذاك يهوى الاندثار
على سبيل الاختبار
وشعوب جوعَى افتقار
سكنوا قبور الاحتقار
والبعض يشكوالافتخار
ويموت في أكل المحار
والكل ُّ ينتظر الدمار
وطنٌ بحالة احتضار
فرأيتُ في عينيكِ أحلامَ العُمر
وشدوتُ لحناً في الوفاءِ لعله
ما زال يؤنسني بأيامِ السهر
وغرستُ حُبكِ في الفؤادِ وكلما
مضت السنينُ أراهُ دوماً يزدهر
وأمامَ بيتكِ قد وضعتُ حقائبي
يوماً ودعتُ المتاعبَ والسفر
وغفرتُ للأيامِ كُلَّ خطيئةٍ
وغفرتُ للدنيا وسامحتُ البشر
وعرفتُ كيف تهزني أشواقي
كم داعبت عينايَ كل دقيقةٍ
أطياف عمرٍ باسمِ الإشراقِ
كم شدني شوق إليكِ لعله
ما زال يحرق بالأسى أعماقي
غرباءُ لم نحفظ عهوداً بيننا
يا من وهبتُكِ كل شيء إنني
ما زلتُ بالعهد المقدسِ مؤمنا
فإذا انتهت أيامُنا فتذكري
أن الذي يهواكِ في الدنيا أنا
قالَ هل عادَ صلاح
قلتُ لا إنّي حبيبٌ
يرتجي منكَ السماح
قالَ والدمعُ يفيضُ
هدنّي طعنُ الرماح
هدنّي ظلمُ اليهودِ
والثرى أضحى مباح
قدسنا أمست تنادي
صوتهاعمَّ البطاح
من تُراهُ سوفَ يأتي
حاملاً طُهرَ الوشاح
والمأذنُ في صداها
تشتكي أينَ رباح.
أينَ هاتيك الليالي
أينَ عشَّاقُ السلاح
كم حلمتُ فيكَ تأتي
تمسحُ عنّي الجراح
كم حلمتُ أن تعودَ
منشداً لحنَ الكفاح
كم حلمتُ غيرَ أني
قالها ثمَّ استراح
إنَّ في القدسِ صلاح
إنَّ في القدسِ رجالاً
أبصروا دربَ الفلاح
إنَّ في القدسِ يتامى
أنبتوا ريشَ الجناح
إنَّ في القدسِ جبالاً
راسياتٍ لا تُزاح
أيقنوا أنَّ الظلامَ
سوفَ يجلوهُ الصباح
كلَّ أيامِ النواح
نتَّبع نهجَ الرسولِ
إنَّهُ سرُّ النجاح
ردَّدَ الأقصى بهمس
(كأنَّهُ صوتُ صلاح).
ما أطهر أرض فلسطين
قلبى ينبض بالالم
قلب مملوء بالجهاد
حبّي أبداً لن يموت
مهما طال غدر اليهود
فلسطين أرضي وعرضي
ودمي لها أرخص ما يكون
كل يوم بحلم بسيف
يُطهّر أرض الرّسل
كل يوم بحلم يا أقصى
بدمي يوقف سيل دموعك
مهما طال غدر اليهود
العلوة فى سقوط
كل شجرة يوم هتنطق
قوم يمسلم طهر الأقصى الشريف
بحلم يا ربي يوم أعيش
حرّ فى ظل الأقصى الشريف
يا يهودي مهما تغدر
مهما طال الظلم منك
قلبي مملوء بالجهاد
سيفي جاهز للقتال
أرضي ده ملك لجدي
ملك لا بني كوهين
الأقصى ملكي أفديه بدمي
وأنت مالك غير سلاحي
يا يهودي قوم وانظر
عحد سيفي ليك رسالة
مهم طال الوقت ليك
مهما طال غدرك وظلمك
أرضي ليا فخر وعزة
وأرضي ليك قبر ومدفن
مهما كان حلم اليهود
حلمي أقوى ما يكون
أرضي هتفضل مهد للأديان
مهما طال غدر اليهود
قوم يا مصرى قوم يا سوري
قوم يا مسلم مهما تكون
أرضي أرضك عرضي عرضك
كل ما أملك في يدك
صلّيتُ حتى ذابت الشموع
ركعت حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد فيك وعن يسوع
يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء
من حرم القدس الطهور النّدي
اسمع في ركن الأسى حريماً
تهتف بالنجدة للسيد
وأشهد الأعداء قد أحرقوا
ركنا مشت فيه خطى أحمد
وأبصر الأحجار محزونة
تقول واقدساه يا معتدي
من أي تاريخ سنبدأ
بعد أن ضاقت بنا الأيام
وانطفأ الرجاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
فقلبي يتوق ليوم الرجوع
دموعي ستغرق هذي البقاع
فتملأ بالشوق كل الربوع
ننام على الدمع، والدمع جمر
وتشرب ملء الكؤوس الضلوع
ونصحوعلى الأه والأه نار
تلظّي القلوب، تزيد الخنوع
كم شهيد كفنّوه بالعلم
صارخ القدس ينادي أهله
وينادي كل حرّ في الأمم
كم وليد وسدوه في التراب
مزجت أحبابه دمعا بدم
من مطهر الأحزان في ليل الجريمة
أيها العالم، تدعوك العصافير اليتيمة
من هنا، من غزة الموت ومن جنين، والقدس القديمة
أيها العالم تدعوك
فردَّ الغاز، والنابالم، والأيدي الأثيمة
ضاعت فردد شاعر أنفاسها
القدس ليست قصة وهمية
تذروالرياح الذاريات كلامها
القدس تولد من هنا شمسها
ومن الروابي يحتسين ضرامها
ومن العقول وقد تبلج نورها
ومن الحضارة ركزت أعلامها
قولا لمن باع التدخيل ترابها
وأهان حرمتها وعق ذمامها
صبراً (لكاع) فكم عميل خائن
وضعت بمفرقه الشعوب حسامها
يا نور، يا إيمان، يا عنبر
من لوث الصخرة تلك التي
كانت بمسرى أحمد تفخر
وأمطر القدس بأحقاده
فاحترق اليابس والأخضر
والبغي مهما طال عدوانه
فالله من عدوانه أكبر
أنا لا أخاف البندقيّة
فجموعكم وهمٌ وقطعان غبية
القدس أرضي
القدس عِرضي
القدس أيامي وأحلامي النديّة
يا من قتلتم أنبياء الله الأتقياء
يا من تربّيتم على سفك الدماء
الذل مكتوب عليكم والشّقاء
يا بني صهيون يا شر البريّة
يا قروداً همجية
يا خنازيراً شقية
القدس ليست وكركم
القدس تأبى جمعكم
القدس تلفظ رجسكم
فالقدس يا أنجاس عذراء تقيّة
والقدس يا أدناس طاهرة نقيّة
أنا لا أهاب البربريّة
ما دام قلبي مصحفي ومدينتي
ما دام عندي ساعدي وحجارتي
ما دمت حراً لست سمسار القضية
فلن أهاب جموعكم
ولن أخاف البندقيّة
قصائد عن فلسطين الجريحة
من القصائد الثوريّة التي كُتبت في فلسطين اخترنا لكم ما يأتي:
فلسطين
إيليا أبوماضي
ديار السّلام، وأرض الهنا
يشقّ على الكلّ أن تحزنا
فخطب فلسطين خطب العلى
وما كان رزء العلى هيّنا
سهرنا له فكأنّ السيوف
تحزّ بأكباد ههنا
وكيف يزور الكرى أعينا
ترى حولها للرّدى أعينا؟
وكيف تطيب الحياة لقوم
تسدّ عليهم دروب المنى؟
بلادهم عرضة للضّياع
وأمّتهم عرضة للفنا
يريد اليهود بأن يصلبوها
وتأبى فلسطين أن تذعنا
وتأبى المرؤة في أهلها
وتأبى السّيوف، وتأبى القنا
أأرض الخيال وآياته
وذات الجلال، وذات السنا
تصير لغوغائهم مسرحا
وتغدو لشذّاذهم مكمنا ؟
بفسي " أردنّها " السلسبيل
ومن جاوروا ذلك الأردنا
لقد دافعوا أمس دون الحمى
فكانت حروبهم حربنا
وجادوا بكلّ الذي عندهم
ونحن سنبذل ما عندنا
فقل لليهود وأشياعهم
لقد خدعتكم بروق المنى
ألا ليت " بلفور " أعطاكم
بلاداً له لا بلاداً لنا
" فلندن " أرحب من قدسنا
وأنتم أحبّ إلى " لندنا "
ومنّاكم وطنا في النجوم
فلا عربيّ بتلك الدنى
أيسلب قومكم رشدهم
ويدعوه قومكم محسنا؟
ويدفع للموت بالأبرياء
ويحسبه معشر ديّنا؟
ويا عجباً لكم توغرون
على العرب " التامز والهندسنا "
وترمونهم بقبيح الكلام
وكانوا أحقّ بضافي الثنا
وكلّ خطيئاتهم أنّهم
يقولون : لا تسرفوا بيتنا
فليست فلسطين أرضاً مشاعا ً
فتعطى لمن شاء أن يسكنا
فإن تطلبوها بسمر القنا
نردّكم بطوال القنا
ففي العربيّ صفات الأنام
سوى أن يخاف وأن يجبنا
وإن تحجلوا بيننا بالخداع
فلن تخدعوا رجلاً مؤمنا
وإن تهجروها فذلك أولى
فإنّ " فلسطين " ملك لنا
وكانت لأجدادنا قبلنا
وتبقى لأحفادنا بعدنا
وإنّ لكم بسواها غنى
وليس لنا بسواها غنى
فلا تحسبوها لكم موطناً
فلم تك يوماً لكم موطنا
وليس الذي نبتغيه محالا
وليس الذي رمتم ممكنا
نصحناكم فارعووا وانبذوا
" بلفور " ذيّالك الأرعنا
وإمّا أبيتم فأوصيكم
بأن تحملوا معكم الأكفنا
فإنّا سنجعل من أرضها
لنا وطنا ولكم مدفنا !
يوميّات جرح فلسطيني
محمود درويش
نحن في حلّ من التذكار
فالكرمل فينا
وعلى أهدابنا عشب الجليل
لا تقولي: ليتنا نركض كالنهر إليها،
لا تقولي!
نحن في لحم بلادي.. و هي فينا!
لم نكن قبل حزيران كأفراح الحمام
ولذا، لم يتفتّت حبنا بين السلاسل
نحن يا أختاه، من عشرين عام
نحن لا نكتب أشعارا،
ولكنّا نقاتل
ذلك الظل الذي يسقط في عينيك
شيطان إله
جاء من شهر حزيران
لكي يصبغ بالشّمس الجباه
إنه لون شهيد
إنه طعم صلاة
إنه يقتل أو يحيي
و في الحالين!آه!
أوّل الليل على عينيك كان
في فؤادي، قطرة قطرة من آخر الليل الطويل
والذي يجمعنا، الساعة، في هذا المكان
شارع العودة
من عصر الذبول.
صوتك الليلة،
سكين وجرح وضماد
ونعاس جاء من صمت الضحايا
أين أهلي؟
خرجوا من خيمة المنفى، و عادوا
مرة أخرى سبايا!
كلمات الحب لم تصدأ، ولكن الحبيب
واقع في الأسر يا حبي الذي حملني
شرفات خلعتها الريح
أعتاب بيوت
وذنوب.
لم يسع قلبي سوى عينيك
في يوم من الأيام
و الآن اغتنى بالوطن!
وعرفنا ما الذي يجعل صوت القبّرة
خنجراً يلمع في وجه الغزاة
وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبرة
مهرجاناً، وبساتين حياة!
عندما كنت تغنين رأيت الشرفات
تهجر الجدران
والساحة تمتد إلى خصر الجبل
لم نكن نسمع موسيقى
ولا نبصر لون الكلمات
كان في الغرفة مليون بطل
في دمي من وجهه صيف
ونبض مستعار
عدت خجلان إلى البيت
فقد خر على جرحي شهيداً
كان مأوى ليلة الميلاد
كان الانتظار
وأنا أقطف من ذكراه عيداً.
الندى والنار عيناه
إذا أردت اقتراباً منه غنّى
وتبخّرت على ساعده لحظة صمت وصلاة
آه سمّيه كما شئت، شهيداً
غادر الكوخ فتى
ثم أتى لما أتى
وجه إله
هذه الأرض التي تمتص جلد الشهداء
تعدّ الصيف بقمح وكواكب
فاعبديها
نحن في أحشائها ملح و ماء
وعلى أحضانها جرح يحارب
دمعتي في الحلق يا أخت
وفي عيّني نار
وتحرّرت من الشكوى على باب الخليفة
كل من ماتوا
من سوف يموتون على باب النهار
عانقوني، صنعوا مني قذيفة !
منزل الأحباب مهجور.
ويافا ترجمت حتى النّخاع
والتي تبحث عنّي
لم تجد مني سوى جبهتها
أتركي لي كل هذا الموت، يا أخت
أتركي هذا الضياع
فأنا أضفره نجماً على نكبتها
آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبه
وأنا لست مسافر
إنني العاشق والأرض حبيبه
وإذا استرسلت في الذكرى!
نما في جبهتي عشب الندم
وتحسرت على شيء بعيد
وإذا استسلمت للشوق،
تبنيت أساطير العبيد
وأنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاه
ومن الصخر نغم !
جبهتي لا تحمل الظل.
وظلّي لا أراه
وأنا أبصق في الجرح الذي
لا يشعل الليل جباه !
خبئي الدمعة للعيد
فلن نبكي سوى من فرح
ولنسيم الموت في الساحة
عرساً وحيّاه!
وترعرعت على الجرح، وما قلت لأمي
ما الذي يجعلها في الليل خيمة
أنا ما ضيّعت ينبوعي وعنواني واسمي
ولذا أبصرت في أسمالها
مليون نجمة!
رايتي سوداء،
والميناء تابوت
وظهري قنطرة
يا خريف العالم المنهار فينا
يا ربيع العالم المولود فينا
زهرتي حمراء
والميناء مفتوح،
وقلبي شجرة!
لغتي صوت خرير الماء
في نهر الزوابع
ومرايا الشمس والحنطة
في ساحة حرب
ربما أخطأت في التعبير أحيانا
و لكن كنت، لا أخجل، رائع
عندما استبدلت بالقاموس قلبي!
كان لا بد من الأعداء
كي نعرف أنّا توأمان!
كان لا بد من الرّيح
لكي نسكن جذع السّنديان!
ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب
ظلّ طفلاً ضائع الجرح، جبان.
لك عندي كلمة
لم أقلها بعد،
فالظلّ على الشرفة يحتل القمر
وبلادي ملحمة
كنت فيها عازفاً صرت وتر!
عالم الآثار مشغول بتحليل الحجارة
إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير
لكي يثبت أني:
عابر في الدرب لا عينين لي
لا حرف في سفر الحضارة!
وأنا أزرع أشجاري على مهلي
وعن حبّي أُغنّي!
غيمة الصيف التي يحملها ظهر الهزيمة
علّقت نسل السلاطين
على حبل السراب
وأنا المقتول والمولود في ليل الجريمة
ها أنا ازددت التصاقاً بالتراب!
آن لي أن أبدّل اللفظة بالفعل وآن
لي أن أثبت حبّي للثرى والقُبَّرة
فالعصا تفترس القيثار في هذا الزمان
وأنا أصغر في المرآه
مذ لاحت ورائي شجرة.
فلسطين الدامية
محمد مهدي الجواهري
لو استطعتُ نشرتُ الحزنَ والألما
على فِلسْطينَ مسودّاً لها علما
ساءت نهاريَّ يقظاناً فجائعُها
وسئن ليليَ إذ صُوِّرْنَ لي حلما
رمتُ السكوتَ حداداً يوم مَصْرَعِها
فلو تُرِكتُ وشاني ما فتحت فم
أكلما عصفت بالشعب عاصفةٌ
هوجاءُ نستصرخُ القرطاسَ والقلما؟
هل أنقَذ الشام كُتابٌ بما كتبوا
أو شاعرٌ صانَ بغداداً بما نظما
فما لقلبيَ جياشاً بعاطفةٍ
لو كان يصدقُ فيها لاستفاضَ دما
حسب العواطف تعبيراً ومنقصةً
أنْ ليس تضمنُ لا بُرءاً ولا سقما
ما سرني ومَضاءُ السيفِ يُعوزوني
أني ملكتُ لساناً نافثاً ضَرما
دم يفور على الأعقاب فائرُهُ
مهانةٌ ارتضي كفواً له الكلما
فاضت جروحُ فِلَسْطينٍ مذكرةً
جرحاً بأنْدَلُسٍ للآن ما التأما
وما يقصِّر عن حزن به جدة
حزن تجدده الذكرى إذا قَدُما
يا أُمةً غرها الإِقبالُ ناسيةً
أن الزّمانَ طوى من قبلها أمما
ماشت عواطفَها في الحكم فارتطمت
مثلَ الزّجاجِ بحد الصخرة ارتطما
وأسرعت في خطاها فوق طاقتها
فأصبحت وهي تشكو الأيْنَ والسأما
وغرَّها رونقٌ الزهراء مكبّرة
أن الليالي عليها تخلع الظُّلَما
كانت كحالمةٍ حتى إذا انتبهتْ
عضّتْ نواجذَها من حرقةٍ ندما
سيُلحقون فلسطيناً بأندلسٍ
ويَعْطفون عليها البيتَ والحرما
ويسلبونَك بغداداً وجلقةً
ويتركونِك لا لحماً ولا وضمّا
جزاء ما اصطنعت كفاك من نعمٍ
بيضاء عند أناسٍ تجحد النعما
يا أمةً لخصوم ضدها احتكمت
كيف ارتضيتِ خصيماً ظالماً حكما
بالمِدفع استشهدي إن كنت ناطقةً
أو رُمْتِ أن تسمعي من يشتكي الصَّمَما
وبالمظالمِ رُدي عنك مظلمةً
أولا فأحقر ما في الكون مَنْ ظُلِما
سلي الحوادثَ والتأريخَ هل عرفا
حقا ورأياً بغير القوةِ احتُرما
لا تطلُبي من يد الجبار مرحمةً
ضعي على هامةٍ جبارةٍ قدما
باسم النّظامات لاقت حتفَها أممٌ
للفوضوية تشكو تلْكم النظما
لا تجمع العدلَ والتسليحَ أنظمةٌ
إلا كما جمعوا الجزارَ والغنما
من حيث دارتْ قلوبُ الثائرين رأتْ
من السياسةِ قلباً بارداً شبما
أقسمتُ بالقوة المعتزِّ جانبُها
ولست أعظمَ منها واجداً قسماً
إن التسامح في الاسلام ما حصدت
منه العروبة الا الشوكَ والألما
حلتْ لها نجدة الأغيار فاندفعت
لهم تزجي حقوقاً جمةً ودما
في حين لم تعرف الأقوامُ قاطبةً
عند التزاحم إلا الصارمَ الخذما
أعطت يداً لغريبٍ بات يقطعُها
وكان يلثَمُها لو أنه لُطِما
أفنيتِ نفسَكِ فيما ازددتِ مِن كرم
ألا تكفّين عن أعدائك الكرما
لابَّد من شيمٍ غُرٍّ فان جلبت
هلكاً فلابد أن تستأصلي الشيما
فيا فِلَسْطينُ إن نَعْدمْكِ زاهرةً
فلستِ أولَّ حقٍ غيلةً هُضِما
سُورٌ من الوَحْدةِ العصماءِ راعَهُمُ
فاستحدثوا ثُغْرَةً جوفاءَ فانثلما
هزّت رزاياكِ أوتاراً لناهضةٍ
في الشّرق فاهتَجْنَ منها الشّجوَ لا النّغما
ثار الشبابُ ومن مثلُ الشّباب إذا
ريعَ الحمى وشُواظُ الغَيْرَةِ احتدما
يأبى دمٌ عربيٌ في عروقِهِمُ
أنْ يُصبِحَ العربيُّ الحرُّ مهتضما
في كل ضاحيةٍ منهم مظاهرةٌ
موحدين بها الأعلامَ والكلما
أفدي الذينَ إذا ما أزمةٌ أزَمَتْ
في الشرق حُزناً عليها قصَّروا اللِمَما
ووحدَّتْ منهُمُ الأديانَ فارقةً
والأمرَ مختلفاً والرأيَ مُقتَسمَا
لا يأبهون بارهابٍ إذا احتدَموا
ولا بِمَصْرَعِهِمْ إن شعبُهم سَلِما