إن الله قد وضع سنن وقوانين تجري بها أحداث الكون ومافيه من مخلوقات وكائنات، وهذه القوانين والسنن هي الحاكمة، وتتسم بالثبات على مر الأزمان والعصور، وقد وضعها الله رحمة بالبشر حتى يهتدوا إلى طريق الصواب والحق فيفوزوا بالدنيا والآخرة.
والمقصود بسنن الله هي القوانين التي وضعها الله لتسيير شؤون الخلق، وهي تجري بحكمة الله إلى يوم الدين، وتتسم بالعموم والشمول والثبات.
وتعمل المجتمعات على كافة أديانها وأخلاقها بسنن الله، حيث يكون الإنسان خاضعاً لها في سلوكه وتصرفه وأفعاله مما يترتب عليه نتائج من جنس العمل، فإما سعادة وإما شقاء، وإما انتصار وفوز وإما هزيمة، وإما ارتقاء وبناء وإما انهيار وفشل ودمار.
والعصر الذي نعيش به شاهد على ما وصلت إليه الأمم من فوضى وحروب وهذا بسبب عدم اتباعها أحكام الله، فالأمة الكافرة لو كانت عادلة نصرها الله، والأمة المسلمة لو كانت ظالمة لن ينصرها الله، ومن سنن الله في الحياة والكون سنة الابتلاء، فإن من أهم سنن الله أن يبتلي قوماً أو فرداً بضائقة ما، أو مصيبة تحل به وعليه، أو مرض يفتك بجسده فيصبر ويفوز، أو يتذمر ويشكو ويجزع فيخسر، وهذه السنَّة سائرة منذ الأزل، ومن ذلك ابتلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنواع الكفار وعذاباتهم، وسوء أخلاقهم، فصبر عليهم حتى هداهم الله، ففاز هو وفازوا هم، فكان الابتلاء وسيلة هامة لمعرفة المؤمن الحق من المؤمن الضعيف، وللتمييز بين الحق والباطل وبين الشر والخير، وبين المؤمن والصادق، وقال تعالى: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم".
ومن سنن الله تعالى أيضا سنة خلاص الصالحين، فقد حمى الله الصالحين من الخلق بعدم تعرضهم لفتنة الظالمين وخروجهم من بينهم سالمين، وعدم مجالستهم، والأخذ منهم، أو العطاء معهم، لأن كل امرئ على دين خليله، لذا فإننا نرى الصالحون من الناس لا يجالسون ذو النفوذ الظلمة كالحكام الذين يقسون على شعوبهم.
بالإضافة إلى ما سبق هناك سنة أخذ الظالمين بالظالمين، وهي من أجل السنن وأكثرها عدالة، حيث الظالم يجازى بظلمه فيقع مع الظالمين أمثاله ويأخذون ببعضهم بعضا، بينما يتقي الصالحون شرهم، ومن ذلك ما صدر عن أهل العراق من خروج عن طاعة الله فظلموا الناس وتجبروا في الأرض فأُرسل إليهم من هو أظلم منهم فظلمهم وهو الحجاج بن يوسف الثقفي.
أما سنة الله المتمثلة في تجنب الرياء، فهذه السنة تحرص على أن الجماعة من الأمة المسلمة عليها أن تتجنب الرياء فيما تفعله، وألا تفعل الخير ثم تبديه، فمن أراد أن يتصدق فليتصدق لوجه الله، وألا يكون أكبر همهما ثناء الناس ولا رضاهم، فتحرص على رضى الله تعالى.
وأخيرا من سنن الله سنة الأخذ بالأسباب، فما من شيء يحدث إلا ويحدث بسبب، فما من نتيجة إلا وكان لها مسببات، وما من نجاح إلا كان قبله جد واجتهاد، وهذه السنة مستمرة وباقية وتتجدد مع تجدد الأمور والأحداث من حول الانسان.
وتتسم السنن بعدة سمات وهي أنها ثابتة لا تتغير مع الزمن، وأنا شاملة وعامة تشمل جميع الناس والطبقات، وأنها تزداد كلما كثر الناس وامتد بهم العمر.
المقالات المتعلقة بسنن الله في الكون