سورة الفرقان تعتبر سورة الفرقان من السّور المكّيّة التي أنزلت على النّبي عليه الصّلاة والسّلام في فترة إقامته في مكّة المكرّمة، ويبلغ عدد آيات السّورة الكريمة سبعاً وسبعين آية، وترتيبها في المصحف الشّريف الخامس والعشرين، وهي سورة عظيمة تتناول جوانب العقيدة والبعث والجزاء كسائر السّور المكيّة.
سبب التسمية
وقد سمّيت سورة الفرقان بهذا الاسم لورود كلمة الفرقان فيها في أوّل آيةٍ استفتح بها الله تعالى هذه السّورة العظيمة، قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرا) والفرقان المذكور في هذه السّورة هو القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة إلى قيام السّاعة، الكتاب المتعبّد بتلاوته المعجز ببيانه، وقد سمّي بالفرقان لأنّه يفرق بين الحقّ والباطل بآياته وسوره التي اشتملت على ذكر المؤمنين الذين يتّبعون الحقّ من ربّهم وما أعدّ الله لهم من النّعيم المقيم، مفرّقةً بينهم وبين أهل الباطل الذي حادوا عن المنهج واتبعوا طريق الغواية والضّلالة حتّى استحقوا النّار جزاءً لسوء أعمالهم.
سبب نزول سورة الفرقان
وقد أُنزلت آيتان من سورة الفرقان في مناسبتين مختلفتين وهما:
- الآية السّابعة والعشرون من السّورة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا)، وقد نزلت تلك الآية في أحد كفّار قريش واسمه عقبة بن أبي معيط كما نزلت في أحد خلّانه وأصدقائه المقرّبين وهو أُبيّ بن خلف، فقد كان عقبة بن أبي معيط مشهورًا بالجود والكرم حتّى إنّه كان لا يأتي من سفرٍ إلاّ ويولم في بيته ثمّ يدعو أشراف قريش وكبراءها إلى هذه الوليمة، وقد دعا عقبة النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام إلى هذه الوليمة فاعتذر بسبب كفر عقبة، فجزع عقبة لذلك فقرّر أن ينطق بالشّهادتين حتّى يحضر النّبي إلى وليمته، فحضر النّبي الكريم، وعندما علم صديقه أبيّ بن خلف بإسلامه غضب لذلك وهجره فبيّن له عقبة سبب ذلك، فقال له وجهي عليك حرام إن لم تأت محمدًا فتسبه وتبزق في وجه وتطأ عنقه، ففعل اللّعين ما طلبه منه خليله فنزلت الآيات الكريمة تنعى حاله يوم القيامة، وكيف أنّه سوف يأتي يعض على يديه ندمًا على اتباعه أمر خليله الذي يدعوه إلى الباطل.
- الآية الثّامنة والسّتين من السّورة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاما) فقد جاء نفرٌ من أهل الشّرك إلى النّبي عليه الصّلاة والسّلام وقد كانوا قتلون فأكثروا القتل، وزنوا فأكثروا الزّنا سائلين كفّارة ذلك كلّه، فأنزلت الآيات الكريمة تدعوهم إلى التّوبة لله تعالى عن ذلك.