دور الفن في تهذيب الفرد

الفن سلاح ذو حدين ، فهناك من يحسن استخدامه فيكون له دور في التأثير على الآخرين بشكل إيجابي، و في المقابل هناك من يسيء استخدامه فيكون حتماُ له تأثير سلبي، وهنا لست بصدد الحديث عن الاستخدام السيئ للفن ولكن التحذير منه فقط، سأذكر مثالين على ذلك :

الأول: فنان يعمل في مجال التمثيل، لو كان هذا الممثل يقوم بأدوار مخلة بالأدب، أو أدوار تثير الرعب والعنف فهذا سيكون له أثر سلبي لكل من يشاهده.

الثاني: فنان يعمل في مجال الغناء، وغنى أغنية تصف محاسن امرأة، فهذا يخالف تعاليم شرعنا وبالتالي سيساعد في فساد المجتمع، للأسف هذا حال الكثير ممن يدّعون الفن، يظنون أن الفن للتسلية أو للشهرة وجمع المال، ولا يعلمون أن للفن رسالة راقية جداً وهادفة.

أما لو كان هناك استخدام جيد وموجه للفن، فسيكون له دور كبير في التربية وتهذيب الفرد بل والمجتمع، يتزاحم في عصرنا هذا العديد من الفنون، كالتمثيل والغناء والرسم والنحت والتصوير وغير ذلك الكثير.

من خلال الفن الهادف يستطيع الفنان أن يوصل ما لا يستطيع غيره أن يوصله، وسأضرب مثالين على ذلك : الأول: فن الغناء سأتحدث عن قصة حصلت مع صديق لي كنت حينها في الثانوية العامة، كان صديقي يتصف بأخلاق جيدة ولكنه كان عصبي نوعاً ما، وذات يوم حصل بينه وبين أمه خلاف كبير ،ولكن دون أن يقلل من أدبه على أمه و تطور الخلاف إلى حد أنه لا يتكلم معها ولا تتكلم معه، مما دفعني للحديث معه مراراً وتكرارً ولكن دون جدوى، فذهبت لشيخ وقلت له القصة، بعدها استدعى الشيخ صديقي للحديث معه لكي يصلح ما بينه وبين أمه، ولكن كأنه لم يتحدث معه.

وصلت مع صديقي لدرجة من اليأس بأنه لا يريد التكلم معها بحجة أنها هي التي لا تريد الحديث معه ، وقدر لي أن أستمع ذات يوم إلى أغنية جميلة عن الأم ، وفيها هذا البيت " لو كان البر بأن تطئي خدي فيا حظي فيكي "، وطلبت من صديقي الاستماع إليها، وعندما سمعها سارع فوراً إلى أمه التي كانت تعمل معلمة في مدرسة وذهب إليها يقبل قدمها ويعتذر لها وهي في ما كان عملها.

هذا دليل على أن الفن الهادف له تأثير كبير على سلوك الفرد، بل وتصحيح بعض المفاهيم التي ينبغي علينا فهمها جيداً .

الثاني : فن التمثيل يستطيع الممثل أن يجسد بتمثيله العديد من القضايا الهامة والمشكلات الاجتماعية التي تحاكي واقعاً، فيكون له الفضل في عدم الوقوع بتلك المشكلات إن حذر منها من خلال تمثيله، أيضاً يستطيع الرسام من خلال ريشته، والمصور من خلال كاميرته، والشاعر من خلال شعره، أن يسهم في تهذيب سلوك الفرد، لأن الفن في مجمله يخاطب الوجدان وإحساس الإنسان .