شعر التفعيلة بدأ الشعر العربي بالتغيّر في مطلع القرن العشرين، وذلك بسبب دخول الشعر الغنائي، والقصة الشعريّة والمسرحيّة، ممّا أدى إلى الابتعاد عن الوزن في كتابة الشعر كنتيجةٍ طبيعيّةٍ للمؤثرات الجديدة التي يعيشها العرب، فأصبح الشعر يرتكز بشكلٍ أساسيٍّ على التفعيلة، ولهذا سُميَّ بشعر التفعيلة، حيث يعتمد على الشكل كثيراً، ونتيجةً لانتشاره تمّ تأسيس مدرسةٍ خاصّةٍ به، برئاسة الشاعر بدر شاكر السياب وضمّت كلّاً من نازك الملائكة، وأمل دنقل، وصلاح عبد الصبور، وفي هذه المقالة سنتعرّف على خصائص شعر التفعيلة.
خصائص شعر التفعيلة يتسم شعر التفعيلة بعدة خصائص تميّزه عن الشعر العربي التقليديّ، ومن هذه الخصائص ما يأتي:
- الاحتفاظ بوزن الشعر، فالكلام بدون وزنٍ لا يعدُّ شعراً.
- عدم الالتزام بعددٍ معينٍ من التفعيلات في السطر الشعري.
- الاعتماد على التفعيلة بشكلٍ كبيرٍ في وحدة الوزن الموسيقي للقصيدة.
- تنقّل التفعيلة في القصيدة، فقد تأتي في آخر البيت على أن يتمّ افتتاح البيت التالي بها، وهذا ما يسمّى بالتدوير.
- الإكثار الصور والأخيلة الشعرية التي تساعد على تعميق التأثر بالفكرة المطروحة في القصيدة، وإقناع المستمع بها.
- استخدام الأسلوب الرمزي في تعبير الشاعر عن عواطفه وميوله السياسية، وعدم إظهارها بشكلٍ علنيٍّ، ممّا يؤدّي إلى صعوبة فهم القارئ لهدف القصيدة وغايتها.
- صقل شخصية الشاعر واهتماماته، فلم يعد يهتم بالغناء، والتفاخر والهجاء، بل أصبح همّه توجيه الآخرين وإيصال فكرته للمجتمع.
- تغليب التعبير عن الشعر الوطني، والإحساس بمشاكل المجتمع وما يعانيه عامّة الناس، والابتعاد عن الأنانية والتعبير عن الذات.
- تحرّر الشعر من القافية الموحّدة للروي والتي تعتمد على حرفٍ واحدٍ.
- الالتزام بوحدة الموضوع ووحدة الديوان.
- التطرّق لطرح المواضيع التي تتعلّق بوجود الإنسان، وسبب وجوده في الحياة.
- انتشار السخرية والتهكّم في الشعر، والأسباب التي دعت الشاعر إلى الاستهزاء.
- الإكثار من استخدام العامية في الشعر الحرّ، وخاصةً في قصائد بيرم التونسي.
- ظهور الزوجة في الشعر الحر، والتي كان وجودها معدوماً في الشعر التقليدي واكتفى الشعراء بذكر محبوباتهم ومعشوقاتهم.
- وصف الطبيعة، والأسرار التي يقوم عليها الكون.
- انتشار الملاحم الشعرية.
- ظهور الرمزيّة في الشعر الحر، بالإضافة إلى السريالية، التي تتعدّى الرمزية في الغموض، والتي تعتمد على اللاوعي الذي ظهر في علم النفس.
مثال من الشعر الحرّ للشاعر السياب عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم