رسالة سيّدنا محمد قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [سبأ: 28]. أرسل اللهُ سبحانه وتعالى سيدنا ونبينّا محمّداً -عليه الصلاة والسلام- للناس كافّة، وذلك ليكون بشيراً ونذيراً ولتوصيل رسالته للعالمين، وهي أن يوحدوا الله تعالى، ويؤمنوا به وحده، ولا شريك له، ومن أجل إخراجهم من الظلمات إلى النور، ورحمّة لهم، ففي هذا المقال سوف نتحدث عن خصائص رسالة النبّي محمد عليه الصلاة والسلام.
خصائص رسالة سيّدنا محمد - إنّها رسالة عامة للناس أجمعين: حيث كان الله تعالى يُرسل الأنبياء والرسل السابقون إلى أقوامهم خاصة، وبعضعم إلى قبيلة أو عائلة واحدة، أما سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فكانت رسالته عامة وشاملة للعالمين أي الناس أجمعين، حيث يقول تعالى: في محكم تنزيله: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) [الأعراف: 158]، حيث إنّ خطاب النبي إلى الناس عامة، أمّا الأنبياء السابقون، فقد كانوا يخاطبون أقوامهم فقط.
- نسخت وهيمنّت على جميع الرسالات السماويّة والشرائع التي سبقتها، حيث يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) [المائدة: 48].
- رسالة تتميّز بالكمال والخلود: أي أنّها كاملة وشاملة لجميع مناحي الحياة، وخالدة إلى يوم الدين، وتناسب كل زمان ومكان، فقد ختم الله عزّ وجلّ رسالاته للناس برسالة النبي محمد صل الله عليه وسلم، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) [المائدة: 3]، كما أنّ الله عزّ وجلّ أيضاً ختم النبوات بنبوّة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ودليل ذلك قوله سبحانه وتعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب: 40].
- سهلّة وميسرّة: حيث أن أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أمة رحمها الله برسالته للنبي محمداً، فشرائعها ودينها يتميّز باليسّر والسهولة، وبعيدة عن الحرج؛ فيقول عزّ وجلّ: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: 78]، كما رفع الله سبحانه وتعالى عن رسالة النبي العسر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، حيث يقول عزّ وجلّ: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: 185].
- معجزة من الله تعالى: فرسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام تتضمن القرآن الكريم، والقرآن الكريم هو معجزة النبي والإسلام العظمى التي تتميّز بالخلود إلى يوم القيامة حتى بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام، أمّا معجزات الأنبياء والرسل السابقين فقد كانت معجزات ماديّة مؤقتة وملازمة لشخص النبي نفسه، وانتهت بموت النبي، ولم يتبقّى سوى الحديث عنها، أمّا معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام وهي القرآن الكريم فهي باقية ومستمرة، حيث تُقام الحجة بها في كل العصور والأزمان، وعلى جميع الأجيال المتعاقبة إلى يوم الدين.