حكم تجسيد الصحابة

حكم تجسيد الصحابة

محتويات
  • ١ فضائل الصّحابة
  • ٢ معنى الصحابيّ
  • ٣ معنى تجسيد الصحابيّ
  • ٤ حُكم تجسيد الصّحابة
  • ٥ المراجع
فضائل الصّحابة

يسَّر الله -سبحانه وتعالى- لكلّ نبيٍّ مجموعةً من الناس يُناصرونه ويقفون معه في أوقات الشدّة، يُخفّفون عنه ما يُصيبه من هموم، ويشدّون على يده إذا ما أراد النُّصرة، أمّا النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- فقد فضَّله الله -عزّ وجلّ- على جميع الأنبياء والرُّسل بأمور كثيرة، منها أن جعل الناس الذين وقفوا حوله أكثر بكثيرٍ من باقي الأنبياء، وهذا ما لم يصل إليه نبيٌّ غيره، كما أنَّ أصحاب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد حظَوا بمكانةٍ خاصّةٍ عند الله؛ لما كان منهم من مواقف بطوليّة في الدفاع عن النبيّ ورسالته، وقد حفظ الله لهم ذلك الفضل إلى يوم القيامة بأن خصَّهم بالعديد من الأمور عن سائر البشر؛ حيث جعل التَّرضّي عنهم أمراً مُستَحبّاً، وجعل الإساءة إليهم إساءةً مُباشرةً لدينه.

وقد جعل الناس من مواقف الصّحابة -رضوان الله عنهم- مع النبيّ، وما حصل معهم في فترة نشر الإسلام قصصاً، ورواياتٍ، ومسلسلاتٍ تمثيليّةً؛ ليستذكروا فضائلهم ويحذوا حذوَهم، لكنّ الذي ينبغي التنبُّه إليه هو هل تجسيد الصّحابة بأشخاص من هذا العصر ليس لهم الفضل نفسه أمرٌ جائزٌ شرعاً، أم أنّ في ذلك إنقاصاً من قدرهم وحطّاً من قيمتهم؟ هذا ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.

معنى الصحابيّ

مصدر صَحِبَ صُحبَةً، ويُقال: يصحبه صُحبةً بالضمّ، أمّا صَحابة فبالفتح، وصاحَبَهَ أي عاشره، والصّحب جمع الصّاحب، والأصحاب، جماعة الصّحب، والصّاحب أي المُعاشِر، وجمعها: أصاحِب، وأصاحيب، وصُحبان، وتُجمَع كذلك بالتّأنيث على الصّحابة كما جرى جمع أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أمّا الصحابيّ بالمفهوم الإسلاميّ فهو المسلم الذي آمن بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وصَحِبَه فترةً من الوقت.[١]

وقد عرَّف ابن حجر العسقلانيّ الصحابيَّ بقوله: (هو من لقِي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل ذلك فيمن لقِيه سواءً طالت مُجالسته للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أو قصُرت، ومَن روى عنه أو لم يروِ عنه، كما يدخل في ذلك من غزا معه أو لم يغزُ، ومن رآه رؤيةً واحدةً فقط ولو لم يُجالسه، ومن لم يرَه لعارضٍ كالعمى، ويخرج بقيد الإيمان كذلك من لقِيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرّةً أخرى، ويخرج بذلك من لقيه وآمن به ثمّ ارتدّ عن الإسلام).[١]

معنى تجسيد الصحابيّ

تجسيد الصّحابة يعني: محاولة مُطابقة ما كان يفعله الصّحابة أيّام النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أو بعده في المواقف التي اشتُهرت عنهم، وفي المعارك والغزوات، ويتمّ تقديم ذلك عن طريق عرضٍ تلفزيونيٍّ، أو مسرحيٍّ، أو غير ذلك من طرُق العرض المُعاصرة.[٢]

حُكم تجسيد الصّحابة

اختلف العلماء المُعاصرون في مسألة تجسيد الصّحابة على عدّة أقوال بين مُجيزٍ ومُحرِّمٍ ومتوسِّطٍ بين الرّأيَين، أمّا الفُقهاء القُدامى فلم يثبت عنهم القول بشيءٍ في هذه المسألة؛ لعدم ورودها في تلك الفترة، ولعدم انتشار التمثيل والتلفزيونات، وفيما يأتي بيان آراء العلماء وأقوالهم وأدلّتهم في مسألة تجسيد الصّحابة، كلّ فريقٍ منهم على حِدة:[٣]

  • ذهب الفريق الأوّل إلى القول بتحريم تجسيد الصّحابة مُطلقاً،[٤] ومن بين القائلين بذلك؛ هيئة كِبار العلماء في المملكة العربيّة السعوديّة، ورابطة العالم الإسلاميّ في المملكة العربيّة السعودية كذلك، ومِمّن قال بذلك أيضاً مُفتي عام المملكة العربيّة السعوديّة ورئيس هيئة كبار العلماء فيها، وفضيلة الشّيخ محمّد بن صالح العثيمين، والشّيخ جاد الحقّ علي جاد الحقّ، والشيخ عبد الله آل هادي وغيرهم، فلا يجوز عند أصحاب هذا الفريق تجسيد الخلفاء الرّاشدين ولا تجسيد غيرهم من الصّحابة مهما كانت منزلتهم في الإسلام، وقد استدلَّ أصحاب هذا القول بما يأتي من الأدِلّة:
    • أنّ الله -سبحانه وتعالى- قد أثنى على الصّحابة في كتابه العزيز، وبيّن فيه أنَّ لهم منزلةً وأفضليّةً عن باقي الخلق، قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)،[٥] وأنَّ في إخراج حياة الصّحابة أو أحدهم على هيئة مسرحيّات أو أفلام تمثيليّة مُنافاةً لهذا التّفضيل والثناء، وحطّاً من قَدْرهم ومكانتهم.
    • ربّما يدخل تمثيل الصّحابة في نطاق التّساهل بهم، ويجعلهم موضعاً للسُّخرية والاستهزاء، كما أنّ مَن يقوم بمثل هذه الأعمال ويتولّاها هو مَن لا صلاح فيه ولا تقوى، ويكون قصده الأوّل من ذلك الكسب الماديّ.
    • مهما اعتنى مَن يُصدِر هذه الأفلام بسيرة الصّحابة وتفاصيل حياتهم، وتحفّظ على ذكر تفاصيلها؛ إلا أنّه لا بدّ من اشتمال تلك الأفلام والمسرحيّات على الكذب والتّدليس والغيبة، كما يضع تمثيل الصّحابة أفضلَ الناس موضعاً مُزرياً، ممّا يُزعزِع الثِّقة بأصحاب رسول الله ويُشكّك بهم، فتخفّ هيبتهم في نفوس المسلمين.
  • ذهب الفريق الثاني من العلماء إلى القول بإباحة تجسيد الصّحابة في الأفلام والمسلسلات والمسرحيّات، وغير ذلك من طرُق العرض، ولا فرق في ذلك إن كان التجسيد للخلفاء الرّاشدين أم لغيرهم من الصّحابة، ودليل هؤلاء أنّ الغاية والقصد من تجسيد الصّحابة إنّما هو عرض أخلاقهم والآداب التي كانوا يتعاملون بها، وحثُّ الناس على السَّير على خُطاهم، وقد أخذ بهذا القول الشّيخ محمّد رشيد رضا.
  • رأى الفريق الثالث أنّه يجوز تجسيد أدوار الصّحابة باستثناء كبارهم، ومنهم الخلفاء الرّاشدون، ومعاوية، والحسن والحسين وأبناؤهم، أمّا غير هؤلاء من الصّحابة فتمثيل مواقفهم وتجسيد أدوارهم جائزٌ لا بأس به شرعاً، وقد أخذ بهذا الرّأي بعض علماء الأزهر في القرار الصادر عن لجنة الأزهر، والدكتور أحمد القضاة، وغيرهم.

المراجع
  • ^ أ ب د. سامية منيسي (26-11-2016)، "تعريف الصحابي"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 29-7-2017. بتصرّف.
  • ↑ "قرار المجمع الفقهي الإسلامي في حكم تمثيل الأنبياء والصّحابة"، الإسلام سؤال وجواب، 31-1-2011، اطّلع عليه بتاريخ 29-7-2017. بتصرّف.
  • ↑ محمد بن موسى بن مصطفى الدالي (2008)، أحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي، المملكة العربية السعودية-الرياض: مكتبة الرشد ناشرون، صفحة: 193-200. بتصرّف.
  • ↑ محمد صالح المنجد (1/1/2002)، "حكم تمثيل شخصيات الصّحابة في التمثيل"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 1/8/2017. بتصرّف.
  • سورة الفتح، آية: 29.
  • المقالات المتعلقة بحكم تجسيد الصحابة