النبي محمد صلى الله عليه وسلّم هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، اختاره الله تعالى من بين الخلق أجمعين ليكون الهادي للأمة إلى طريق الحق والخروج من دائرة الكفر والشِرك بالله تعالى، وعانى صلى الله عليه وسلّم الكثير من المصاعب لتحقيق ذلك، فالصراع بين الإسلام والكفر، والحق والباطل وجهان لعملة واحدة ولو اختلفت الأساليب والصور، وضرب النبي صلى الله عليه وسلّم مثالاً يُحتذى به في الثبات على الدعوة على الرغم من الصعوبات التي واجهته، فقد كان ثباته أساس الدعوة في مكة قبل الهجرة إلى المدينة.
ثبات النبي محمد عليه السلامثبت النبي صلى الله عليه وسلّم في سبيل نشر دعوة توحيد عبادة الله تعالى وحده وإخراج الناس من دائرة الضلال والكفر، واستمر في دعوته ليلاً ونهاراً وصيفاً وشتاءً، على الرغم من الأذى الذي أصابه من كفار قريش، ففي البداية حاولوا رده من خلال العنف؛ (عن محمد بن إبراهيم التيمي، قال حدثني عروة بن الزبير، قال سألت ابن عمرو بن العاص، أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم) [صحيح البخاري].
الثبات أمام قريشانتقل كفار قريش إلى أسلوب الإغراء والمساومة لإقناعه عليه الصلاة والسلام بالعدول عما جاء به، فجاءه عتبة بن ربيعة وهو شخص يتصف بالرزانة فأغراه بالمال، والجاه، والملك والأمرة عليهم، إلا أنّ النبي رفض كلّ ذلك، كما حاولوا إقناعه بفكرة تقارب الأديان والمشاركة فيها من خلال أن يعبد آلهتهم سنة، ثمّ يعبدون معه آلهته السنة التي تليها وهكذا، فرفض صلى الله عليه وسلّم ذلك.
بعد أنْ فشِل كفار قريش بمحاولة مساومة النبي على دعوته انتقلوا إلى أسلوب التحدي بأنْ يأتيهم بالمعجزات والدلائل التي تثبت نبوته، ووعدوه باتباعه والإيمان بما جاء به، ويقصدون بذلك تعجيزه، فأخبرهم عن ظاهرة انشقاق القمر إلّا أنهم صدّوا وتكبّروا.
انتقلت قريش إلى التعذيب والترهيب في محاولة القضاء على الإسلام والمسلمين؛ فأعلنوا المقاطعة لبني هاشم وبني عبد المطلب فلا يبيعوهم، ولا يشتروا منهم، ولا ينكحوا منهم، ولا يناكحوهم حتى يسلّموا النبي لهم، إلّا أنّ النبي صبر على الجوع، والتعب، والمشقة ولم تتزحزح عزيمته أبداً، ولم تنتهي محاولات الكفار في القضاء على الإسلام عند حدّ معيّن، لكن كان ثبات النبي صلى الله عليه هو القاسم المشترك فيها جميعاً.
الثبات في الأخلاقيعتبر التوازن في صفاته صلى الله عليه وسلّم مثالاً آخر على ثباته، فهو نفسه في رضاه وفي غضبه، فلا يظلم، ولا يغلط، ولا يسيء عند الغضب، كما أنّه لا يتغيّر في حالة الحرب عن حالة السِلم، وهو الرحيم من دون ضعف، والمتواضع من غير ذلة.
المقالات المتعلقة بثبات النبي صلى الله عليه وسلم