الحركات الفكرية تعتبرُ الحركات الفكريّة والفنيّة ممّا يُظهرُ الجوانبَ الإبداعيّة لدى الأمم والحضارات، فهي في جزءٍ كبير منها تجسيدٌ للجمال، وتوظيف للمخزون الثقافيّ الذي تتوفّرُ عندَ هذه الأمم، الذي كلما كان أرقى وأكثرَ إنسانيّة أنبأ ذلك عن حضارةٍ عظيمة، تمتلكُ مقوماتٍ وعناصرَ البقاء والاستمرار.
للحركات الفكريّةِ والفنيّة العديدُ من المظاهر المختلفة، التي يمكنُ لأيّ إنسان ينتمي لأيّ حضارة أنْ يتفاعلَ معها، ويستفيدُ منها، فاندماج الأمم بعضها ببعض يؤدّي إلى حدوث اندماج على الصعد: الثقافيّة، والعلميّة، والفكريّة، والفنيّة، مما يساعدُ في نهايةِ المطاف على نشرِ الخير، والجمال، والمعرفة في العالمين، وفيما يلي بعضُ أبرز المظاهر الفكريّة والفنيّة.
المظاهر الفكرية والفنية - انتشار المدارس، والجامعات، والمعاهد، والكليّات، وتعلّق الناس وتسابقهم للالتحاق بها، وتنميتها، وتحسينها؛ رغبةً منهم في تكثيفِ إنتاجها.
- رفع قيمة المفكّرين، والمعلمين، والعلماء، والفنانين وكلّ من لهم علاقة من قريب أو من بعيد بالمجالات الفكريّة، والعلمية، والفنية، فكلما ارتقت هذه الفئات، وارتاحت من الناحية النفسيّة من خلال تلبية كافّة متطلّباتها الأساسية، كلما كان بمقدور من ينتمون إليها الالتفات أكثر نحو التعلم، والإبداع في مجالاتهم.
- إقبال الناس على المكتبات، وانتشار ثقافة القراءة في كلّ مكان، فلا خيرَ في أمة لا تعرفُ للكتاب سبيلاً، ولا خير في أمّة تنشغل عن القراءة بالأمور والنشاطات التي لا جدوى منها.
- التبادل الحرّ للأفكار، وعدم الحجر على المفكّرين، أو أصحاب الآراء بحججٍ واهية، فالوسيلة الوحيدة لإيقاف فكرة ما هي إقامة الحجة عليها، أما إن لجأ الناس إلى وسائل أخرى؛ كالقتل، أو السجن، أو التهديد، فإن الأفكار ستتفشى أكثر، وستلقى قبولاً واسعاً حتى لو كانت لا تستحق أن يُلتفت إليها.
- دعم الدولة، وأصحاب الأموال، وغيرهم للحركات الفكريّة، والفنية، وتشجيع انتشار مثل هذه الأمور في المجتمع.
- عدم خوف الناس من الفنون، وتربية الأبناء على الثقافة الفنيّة الصحيحة التي تفصلُ الفنون عن حالة الابتذال، أو المجون.
- انتشار الجمال في كافّة الأرجاء، والجمال يظهر أكثر ما يظهر من خلال الفنون كالعمارة، والرسم، والشعر، والموسيقا، وما إلى ذلك، ولعلَّ أبرز تجلّيات ذلك جمال المباني، ودور العبادة، وكثرة النشاطات الفنيّة والثقافيّة، وإقبال الناس الشديد عليها.
- انتشار اللغات الأخرى إلى جانب اللغة الأمّ بين الناس، إلى جانب ازدهار حركة الترجمة عن الأممِ الأخرى، فالأممُ بطبيعتها تكمّل بعضها، والحضارة الإنسانيّة لا تتوقّفُ عند أمّة بعينِها، بل تواصلَ سيرُها إلى ما شاء الله لها أن تسير.
- اندماج الناس مع الآخرين المخالفين، ومحبّتهم لهم انطلاقاً من مبدأ الأخوة في الإنسانيّة، مما سيعملُ على تبادل الخبرات، والأفكار، والعلوم بين الأمم.