تعبير كتابي حول التسامح

تعبير كتابي حول التسامح

يُعدّ الاختلاف بين الناس من أعظم الهبات الإلهيّة التي منحها الله تعالى لعباده؛ فالأصل في الاختلاف أنّه رحمة، ومدعاة إلى تَعارف البشر والتقائِهم، وتبادلهم المنافع فيما بينهم. غيرَ أنّ فئةً من الناس وعلى مرِّ الأزمنة والعصور، لم تقبل هذا الاختلاف، وظنّت أنّ لها الأفضليّة على غيرها، ممّا أوجد ما يُعرف بالتعصب الذي أذكى نيران الحروب والصّراعات حول العالم على امتداد التاريخ؛ حيث راح ضحيّتها الأبرياء، ومن هنا فقد ظهرت بعض المصطلحات التي تدعو إلى احترام الآخرين، واحترام الاختلاف القائم، والتعاون المشترك لما فيه مصلحة الإنسانيّة جمعاء، وعلى رأس هذه المُصطلحات مصطلح التّسامح.

يُعرَّف التسامح على أنّه التّساهل مع الآخرين، والإحساس بهم وبكينونتهم، وعدم إقصائهم لمجرّد وجود اختلاف معهم، ومن هنا فإنّ مصطلح التّسامح لا يقف عند كونه مُصطلحاً يدعو إلى احترام الآخرين واحترام الاختلاف القائم، بل هو أسلوب حياةٍ وسمةٍ جليلة إن اتّصف الإنسان بها كان أبعد ما يكون عن سائر أنواع التّطرف والعنف المختلفة.

إن التّسامح فكرة عامّة، يمكنها أن تشمل نواحي الحياة كافّة؛ حيث تمثّل هذه الفِكرة حجر الأساس لبناء المجتمعات الآمنة المطمئنّة التي تسعى إلى خيرها، وبناء مستقبل مشرق، وتأسيس علاقات إنسانية مبنيّة على المحبة والألفة والتّعاون المشترك.

يُعدّ التسامح من أهمّ الأمور التي دعا إليها العظماء على مرّ التاريخ، وعلى رأسهم أعظم العظماء رسل الله تعالى وأنبياؤه عليهم السلام، فلم يُكره أحدٌ منهم قومَه على الإيمان بالله تعالى، بل كانوا أئمّة في الدعوات السلميّة، وذلك على الرّغم ممّا لاقوه عليهم السلام من أذىً واضطهاد، وإخراج من الوطن.

للتّسامح أنواع مختلفة، ولعلَّ أبرزها التّسامح الدينيّ الذي يتضمّن التّعايش مع باقي الدّيانات، والاقتناع بمبدأ حريّة ممارسة الطقوس والشعائر الدّينية بعيداً عن التّعصب، ومن أنواعه الأخرى التسامح السياسيّ، والذي يقضي بمنح الحريّات السياسيّة، والإيمان بالمبادئ السياسيّة التي توفر الحدّ الأدنى من الكرامة والاحترام والعدل.

يوجد بالإضافة إلى ما سبق التّسامح الثقافيّ، ويشير إلى أهميّة احترام آراء الآخرين، والتّحاور مع المخالفين دون تجاوز الآداب العامة للحوار، ومن آخر أنواع التسامح وأهمّها التسامح العرقيّ، والذي يَعني نبذ التعصّب المبنيّ على النظرة الدونيّة لبعض الأعراق أو الأصول.

إنّ البشريّة اليوم لهي أحوج ما تكون إلى قيمة بحجم التسامح، والاحترام المتبادل بين المختلفِين، خاصّةً أنّ بعض أنواع التعصّب والانحرافات المسلكيّة قد استهلكت طاقة الناس فيما لا طائل يُرجى منه، بدلاً من أن تُسخَّر لما فيه مصلحة البلاد، وعمار الأرض، وراحة الناس، وهناء معيشتهم.

المقالات المتعلقة بتعبير كتابي حول التسامح