سورة مريم واحدة من أعظم سور القرآن الكريم، وهي السورة التاسعة عشر من سور القرآن، عدد آياتها ثمانية وتسعون آية، وتعد من السور المكية في القرآن الكريم، وقد استمدت هذه السورة العظيمة اسمها من اسم أعظم نساء العالمين السيدة الطاهرة المطهرة مريم العذراء أم السيد المسيح عيسى -عليه السلام-، ومن هنا فهذه السورة هي السورة القرآنية الوحيدة التي تسمت باسم امرأة.
حملت هذه السورة الكريمة في آياتها معانٍ عظيمة جداً، وقصصاً خالدة لأشخاص عظماء مروا يوماً ما على تاريخ الإنسانية، فبدأت هذه السورة بذكر نبي الله زكريا -عليه السلام-، والذي دعا الله تعالى بدعاء وصفته الآية الكريمة بأنه دعاء خفي بأن يرزقه الله تعالى الولد، وكيف كانت استجابة الله تعالى له وكيف رزقه الولد الكريم الذي سمي يحيى، وهو أيضاً نبي كريم وعظيم من أنبياء الله تعالى. وأسهب القرآن الكريم في ذكر نبي الله تعالى يحيى، وعدد صفاته العظيمة الرائعة، ثم انتقل بعد ذلك لذكر قصة السيدة العذراء مريم، وكيف حملت برسول الله المسيح عيسى، كما وخلد القرآن الكريم معجزة المسيح بن مريم وهو لا يزال في المهد، إذ نطق رسول الله عيسى وقال أول كلام له دفاعاً عن أمه التي كانت في موضع اتهام من قبل قومها بعد أن عادت إليهم وهي تحمل طفلاً وهي التي لم يعهد عليها أي سوء. قال تعالى على لسان المسيح وهو لا يزال في المهد: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّاً، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ).
سورة مريم تنبض بالروحانية، فالمسيح وأمه وزكريا ويحيى من أعظم الأرواح التي خلقها الله تعالى على وجه البسيطة، وهم جميعاً عائلة مؤمنة بالله تعالى نذرت نفسها لأجله، ونذرت نفسها لعبادته والتجرد من كل أمراض الدنيا، وبعد أن انتهت السورة من ذكر قصص هؤلاء العظماء الأربعة بدأت بالإشارة إلى أنبياء آخرين هم: إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ومن ثم انتقلت إلى موسى وهارون، وبعدها ذكرت السورة العظيمة نبي الله إسماعيل، كما ذكرت أيضاً أنبياء الله إدريس، وآدم، ونوحاً -عليهم الصلاة والسلام أجمعين-، وذكر هؤلاء الأنبياء زاد من جمالية السورة، ووضح المشهد كاملاً لقارئها. باختصار يمكن القول أن سورة مريم من السورة التي لا يجب الانقطاع عنها، والتي يجب على كل إنسان أن يداوم عليها، فهي سورة تبث العظمة في روح أي إنسان يقرؤها.
المقالات المتعلقة ببحث عن سورة مريم