تعريف الحب
كلمة حُب هي لباب الشيء وأصله؛ لأن القلب أصل كيان الإنسان ولُبّه، ومستودع الحُبِّ ومكمنه، وهو معادلة عصبيّة غير مفهومة، وقد ينظر إليه على أنّه كيمياء متبادلة بين اثنين، ومن المعروف أنّ الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون المحبّين أثناء اللقاء بين المحبين، إذن هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، حيث إنّ هذا الأمر أشبه بجذب مغناطيسي، إلا أنّه يتمّ على مستوى الاهتمام البصري، عندما تقع العين على شخص ما، فيعجب بإحدى صفاته كمظهره، وقوامه، أو ملامح وجهه وابتسامته، ونظرته، أو طريقة كلامه، ونبرات صوته، أو تصرّفاته، أو شخصيته، أو حتى لون عينيه.
درجات الحب وصولاً للعشق
- أولى درجات الحب هي الهوى، والهوى هو كلّ ما تشتهيه النفس من رغبات وشهوات.
- الصبوة، وهي ما يعرف حالياً بفترة المراهقة، أو التصابي وطيش الشباب.
- الشغف، هذه الدرجة الأولية من الحب.
- الوجد وتعني حرقة الدمع ولوعة الشوق والتفكير في المحبوب والحزن الدائم.
- الكلف، وهو شدّة التعلق في المحبوب والولع به.
- العشق، يقع بين طرفين: عاشقٍ ومعشوق، وقد يكون كلُّ واحدٍ منهما عاشقاً لصاحبه، وقد يكون العشق من أحد الطرفين دون الآخر، ويعني فرط الحبّ وفخامته.
- النجوى، وهي شدّة الوجد وحرقة الحبّ.
- الشوق، ويعني اللهفة والترقّب في انتظار الحبيب والسفر بالمشاعر نحوه وجدانياً.
- الوصب، ويعني ألم الحبّ والمرض به.
- الاستكانة، وهي الاستسلام للمشاعر التي تطرأ على العاشق والخضوع لها.
- الودّ وهو خالص الحبّ وألطفه وأجمله واكثره عفةً وحناناً.
- الخلّة، وهي رفض المشاركة في الحبيب، وهي أرقى مقام في الحب
- الغرام، وهو التعلُق بالشّيء تعلّقًا لا يُستطاع التخلّص منه.
- أعلى درجة في الحب هي الهيام، أي الجنون الخالص من كثرة الحب والعشق.
مراحل العشق وعلامات العاشقين
للعاشقين علامات تظهر عليهم بوضوح في كلّ مرحلة من مراحل عشقهم، منها مثلاً:
- في بداية العشق تتدهور حالة العاشق النفسيّة والصحية بشكل ملحوظ، وهناك هرمونات معيّنة يزداد إفرازها، وتفعل فعلها في جسد الإنسان بحيث تظهر أعراض زيادتها عليه، وترسم بذلك أعراض العشق كأن يفقد الكثير من وزنه ويمتلئ وجهه بالحبوب، ويفقد القدرة على النوم ليلاً لساعات طويلة، وأن تتصاعد رغبته الجنسية ويفقد تركيزه وتتسارع دقات قلبه، ويسيطر عليه الحزن حيناً والسعادة حيناً آخر.
- تأتي حالة أخرى أشدّ من المرحلة الأولى وهي عدم الاتزان النفسي والجسماني حيث يزيد هرمون الإدرينالين في جسم الشخص العاشق وتتسارع دقات قلبه فيكون متحفّزاً للعمل أكثر من الاسترخاء أو النوم، ويفقد العاشق قدرته على التفكير والتركيز بسبب قلقه من استمرارية العلاقة أو انقطاعها مع الطرف الآخر، فهو بين السعادة والحزن، لا يستقرّ له قرار ولا يهدأ له بال.
- في غالب الأحيان يكون العشق في بدايته أمراً طبيعيّاً ليس بتلك القوّة التي تدفعه للتشبّث بقراره وحلّ أيّ جدل يمكن أن يعيق فكره أو يؤثر على اختياراته المستقبليّة في أن يستمر للنهاية ويرتبط بحبيبته ليعيش معها بلا خوف ولا تردد، بلا أقنعة أو تحوير في التعامل والكلام والصفات، بلا أقنعة، يكون واضحاً في كلّ شيء، ولا يصل إلى هذه المرحلة إلا حينما يذوب قلبه عشقاً يهلكه فلا يقدر على الاستغناء عن حبيبته أو الابتعاد عنها، فيقرّر أن ينعم بقرب محبوبته بالزواج منها ونفض كلّ ما يمكن أن يغرق قلبه بؤساً.
- حينما يكلّل العشق بالزواج والعلاقة الحميمية تزداد الثقة بين الطرفين، وتستقر مشاعرهم المتأجّجة، فبعض الهرمونات التي يفرزها الجسم أثناء اللقاء الحميمي بينهما مثل هرمون "الأكسيتوسين" "وفازوبريسين"، تجعل الدماغ يرتاح والأعصاب تهدأ، كما أنّ هذين الهرمونين يعزّزان الترابط بين الطرفين وتنعطف العلاقة بينهما لتكون أكثر ديمومة وأقلّ حرارة نتيجة هذين الهرمونين مع الأمد البعيد، وتفصيل ذلك كالآتي: (يعدّ هرمون "الأكسيتوسين" هرموناً مسؤولاً عن الحبّ، وهو ذاته مسؤول وعن تأجيج مشاعر الأمومة تجاه الطفل، وهي مشاعر مستمرّة دائمة لذلك لا نستغرب أن تتخذ علاقة الحبّ بين طرفين منحىً آخر بعد ارتباطهما فيتعوّدان على بعضهما وربما تخفت حرارة حبّهما بعد مدّة من الزمن، لكنها لا تنتهي أبداً).
تكثر في عصرنا الحالي الكثير من المغريات والتسهيلات لإنشاء العلاقات المختلفة إمّا واقعياً أو من خلال الشبكة العنكبوتية، وتلعب بشبابنا الأهواء وتأخذهم الميول وترميم في شباك غير مقبولة، فعلى الآباء أن يفهموا متطلبات وحاجات ورغبات أبنائهم ومشاعرهم ويوجهونهم للطريق الأسلم والأقوم، ويحاولون قدر الإمكان أن يوجهوا طاقاتهم نحو العلم والعمل، وتأسيس مستقبل ناجح ثمّ خوض غمار الحب بعد البناء السليم لكل متطلبات الحياة الزوجية والحبّ والمحافظة على طيب العلاقة مع الشريك في المشوار الطويل في الحياة.
فكما يتضح من موضوعنا هذا فإنّ للعشق مخاطر قد تهلك صاحبه إن لم يجد حلاً لوجع قلبه وعذابه، وفي كثير من الأحيان لا يلتئم شمل العاشق مع معشوقته، ويكفيه عذابه الجسماني والنفسيّ وانعزاله عن الناس، وفيما لو كان أمله قليلاً في الارتباط بمن يحبّ فإنّ الخطورة تزداد وربما يهلك، كما كنا نسمع عن ليلى والمجنون، وعنتر وعبلة، ومنهم من هام في الصحراء حينما لم يجد من يلبّي له رغبته بالزواج من حبيبته، فرفقا بقلوب تئنّ وجعاً وهي صامتة.