العربية..وفضاءات الأسماء

العربية..وفضاءات الأسماء

الخولة :هي الظبية ،وتُكْنى الظَّبْية :أُم الخِشْف ،وأُم شادِن ،وأُم الطَّلا . والخِشْف :ولد الظبية أول ما يولد ،ويطلق على الذكر والأنثى،والجمع خِشَفَة . والشادن :الظبي الذَّكَر ،الذي طَلَع قَرْناه ،والجمع شَوَادِن . والطَّلا :ولد الظبية ،كأنه مازال لا يستطيع الاستغناء عن أمه ،من قولهم :طَلَى الظبيَ :رَبَطه برجله وحَبَسه .والجمع أطْلاء وطِلاء . قال الثعالبي (أبومنصور عبد الملك بن محمد النيسابوري،ت : 430 هجرية عن ثمانين سنة):ولد الظبية أول سنة :طَلا ( بفتح الطاء ) ،وخِشْف ( بكسر الخاء المعجمة ) ،ثم في السنة الثانية جَذَع ،ثم في الثالثة ثَنِيٌّّ ،ثم لا يزال ثَنِيًّا حتى يموت ( فقه اللغة 96 ). والظباء ضربان :ضرب يسكن الجبال ،وقد تسكن الرمل ،وهي بيض تعلوهن جُدَد فيهن غبرة ( أي خطوط يُخالف لونُها لونَ سائر جسمها )،تكون على ألوان الجبال ،وهي طوال القوائم والأعناق ،بيض البطون سمر الظهور ،وهي أُدْم الظباء وأكرمها ،وأكثرها شحوماً ولحوماً.وفي الظباء لئام كما في الناس لئام يقال لها العُفْر ،تعلو بياضها حمرة ،وتسكن القفاف وصلابة الأرض ،وترعى عُفْر الأرض وسهولتها ( العُفْر :الغليظ الشديد )،وهي ألأم الظباء وأصغرهن أجساماً وأقصرهن أعناقاً ، وأضعفهن عَدْواً. قال أبو الذَّيَّال ،وهو من شعراء يهود المدينة ،جاهلي ،شهد الإسلام ولم يُسلم ،يصف حسن جِيد حبيبته : والجِيدُ منها لظبيةِ الجَرَدِ الجَرَد: المكان الذي لا نبات فيه ،يعني الجبال . والمرأة تُشَبَّه بالظبي في طول العنق ،وطيِّ الكَشْح ( أي ضمور الخصر )، وحسن العينين ،وحُوَّة الشفتين ( أي سمرتهما ،وسمرة الشفة عند العرب من حسن المرأة وجمالها ).كما يحبون أن تكون الظبية خذولاً (أي تخلَّفتْ عن القطيع وخذلت صواحبها وأقامتْ على ولدها )،لأنها تراقب القطيع وتشرئب بنظره إليه ،لئلا تبعد عنه ، فتمد عنقها ،فَتَبين محاسنها ،ولو كانت في قطيعها لم يستبن ذلك منها . قال طَرَفة بن العبد ،من مُعَلَّقته:

خَذولٌ تُراعي رَبْرَباً بخميلةٍ

الربرب :القطيع ،أي تراقب قطيعها وتنظر إليه .

والخَوْلي والخَوَلي :القائم بأمر الناس ،السَّائس لهم ،والراعي الحَسَن القيام على المال .والجمع خَوَل كعربي وعَرَب .

والخَوَل :ما أعطاك الله تعالى من النَّعَم والعبيد والإماء وغيرهم من الأتباع والحشم ،وهو مأخوذ من التَّخْويل ،بمعنى التَّمليك . يقال للواحد والجميع والمذكَّر والمؤنث ،وقد يقال للواحد خائل .

وخَوَّلَه الله تعالى المالَ: أعطاه إياه مُتَفَضِّلاً ،قال تعالى :(وتركتم ما خوَّلْناكم)أي أعطيناكم ومَلَّكْناكم . ويقال :خال مالَه يَخول خَوْلاً وخِيالاً (بالكسر ) ،إذا رعاه وساسَه وقام به .

وأخْوَلَ الرجلُ وأُخْوِل فهو مُخْوِل ومُخْوَل (وأبَى الأصمعي عبد الملك بن قُرَيب ت:216 هجرية إلاَّ الكسر):كان ذا أخوال كرام كثيرين ،ولا يكاد يُستعمل ذلك إلاَّ مع مُعَمٍّ ،أي كريم الأخوال والأعمام ،فيقال:هو مُعَمٌّ مُخْوِلٌ. وخولة :ستة عشرة صحابية ،قيل في أربعة منهن :خولة وخُويلَة ,ومن عداهن فخولة ،أشهرهن :بنت ثعلبة ،ويقال بنت مالك المُجَادِلة ،زوجة أوس بن الصامت ،أخي عبادة بن الصامت .وكان لاحاها في بعض حديثه ( أي خاصمها ونازعها )،فقال لها: أنتِ عليَّ كظهر أمي ( وهي من ألفاظ الطلاق في الجاهلية ،أرادوا أنتِ عليَّ كبطن أمي ،يعنون الفَرْج .أي أنت كجِماع أمي ،فخَصُّوا الظَّهْر دون البطن لأن الظَّهْر موضع الرُّكوب والمرأة مركوبة والناكح راكب،وهذا من لطيف الاستعارات للكناية ) ،ثم ندم على ما قال ،فقال لها: ما أراك إلا قد حرمتِ عليَّ .

فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال لها:ما أراك إلاَّ قد حرمت عليه. فجادلت رسول الله مراراً ،وراجعته ،وهو يقول :ما أراك إلاَّ حرمت عليه .فقالت وهي تبكي:يا رسول الله ،أكَلَ شبابي ، ونَثَرتُ له بطني ،حتى إذا كَبِر سِنِّي ،وانقطع ولدي ،ظاهَرَ مني .اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي وما شقَّ عليَّ من فراقه ،اللهم أنزل على لسان نبيِّك ما يكون لنا فيه فرج .فأنزل الله تعالى قوله : (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) فالزوجات لسن بأمهات للأزواج حتى تثبت لهن حرمتهن ،ولا تثبت حرمة الأم إلاَّ للتي ولدتْ.

وخولة :صاحبة طَرَفة بن العبد ،وهي من قبيلة كلب .يقول فيها في مُعَلَّقته:

لِخولةَ أطلالٌ ببُرْقةِ ثَهْمَدِ

تلوحُ كباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليدِ

ويُروى مطلعها : ظَلِلْتُ بها أَبكي وأُبْكي إلى الغدِ

بفتح همزة أبكي الأولى وضم الثانية .وثَهْمَد :جبل أحمر ،حوله أبارق كثيرة، يقع غرب مدينة الدوادمي في عالية نجد .والبُرقْة ،والجمع أبارق :الموضع التي تخالط أرضه حجارة وحصى .

وخولة بنت الأزْوَر الأسدية :شخصية من نتاج الأدب ( من صنع السيرة الشعبية )وليست من الحقيقة التاريخية في شيء .وُضِعتْ سيرتها في فترة الحروب الصليبية لإذكاء روح الجهاد في نفوس المسلمين في قالب قصصي مُشَوِّق، في روايته أخطاء ومبالغات كثيرة لا تنسجم مع وقائع التاريخ.فخولة قاتلت في جيش خالد بن الوليد في فتوح الشام ،في زي فارس ملثَّم ،لتفك أسر أخيها ضرار من يد الروم ،وكان لها ذكر في موقعة ( صحورا ) والاسم مُحَّرف والصواب:صَفُّوريَّة ،وهي قرية تبعد عن مدينة الناصرة 7 كم إلى الشمال الغربي - فوقعت في الأسر ،فبادرت مع النسوة الأسيرات إلى القتال بالأعمدة ،فقتلت خمسة منهم ،وانهزم القوم .ثم كان لها ذكر يوم اليرموك سنة 15 هجرية يوم انكشفت ميمنة المسلمين فحرَّضتهم ومن معها من النساء إلى معاودة القتال فرجعوا رجعة عظيمة ،وكان لهم النصر.ثم نراها في فتح أنطاكية وفتح الإسكندرية تقاتل مع أخيها وتُمَرِّض،وتؤسر مراراً.ثم نراها مع أخيها في وقعة دير المسيح من أرض البَهَسْنا في مصر،وكان أخوها أُسر فخلَّصتْه من الأسر. وعمرت كثيرأً ،وماتت في خلافة عثمان بن عفان .

وهذه القصة لم يروها غير الواقدي في فتوح الشام ،والواقدي محمد بن عمر ( ت :207 هجرية ) صاحب التصانيف والمغازي ،اتفقوا على كذبه في الحديث الشريف ،وترجم له الذهبي (محمد بن أحمد ،ت :748 هجرية ) في سيرأعلام النبلاء 9 /454 فقال:جمع فأوعى ،وخلط الغَثَّ بالسمين ،والخَرَز بالدُّرِّ الثمين،فاطَّرحوه لذلك ،ومع هذا فلا يُستغنى عنه في المغازي ،وأيام الصحابة وأخبارهم .

لكن من يجرؤ أن يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم سَهُل عليه أن يكذب على غيره دون حَرَج .

هذا أمر،والأمر الآخر:الأخطاء التي وقعت في وقائع التاريخ :فضرار بن الأزور استشهد يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذاب سنة 11 هجرية فكيف يكون مع خالد بن الوليد في فتوحات الشام سنة 15 هجرية و17 هجرية .

كما أن مصرفتحها عمرو بن العاص سنة 21 هجرية وانتقض عليه أهلها سنة 25 ،فكيف يكون ضرار وخولة مع خالد بن الوليد المتوفى سنة 21 هجرية في معركة البَهَسْنا ويتجه مع جيش المسلمين إلى الصعيد وسواكن (في البحر الأحمر) وعدن ! ،مع ملاحظة أن بلاد النوبة إنما افتتحت في عهد الأيوبيين سنة 568 هجرية .

كما أن خولة ليس لها ذكر في كتب تراجم الصحابة ،ولا في كتب التواريخ والمغازي والسير والأنساب وكتب الأدب ،وهي أسدية مثل أخيها وليست كندية كما تقول رواية الواقدي.

المقالات المتعلقة بالعربية..وفضاءات الأسماء