سور القرآن الكريم
تنوّعت آيات القرآن الكريم التي نزلت على سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، فقد أنزلها الله تعالى لتنبيه النبيّ وصحابته إلى أمرٍ ما أو شرح الدين الإسلامي للمسلمين وذِكر الواجبات والفرائض، كما نزلت بعض الآيات لتثبِّت عملاً قام به النبي أو أحد الصحابة، وتنوّع نزول هذه الآيات ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، فتناولت السور المكيّة أمور العقيدة والتوحيد وتوضيح الجنة والنار للسلمين، بينما السور المدنية تناولت أمور المعاملات والشرائع وطرق التّعامل فيما بين المسلمين.
سورة الفتح
سورة الفتح إحدى سور القرآن الكريم التي نزلت بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وعدد آياتها تسعٌ وعشرون آيةً، وتمّ ترتيبها في المصحف الشريف في الموضع ثمانية وأربعين.
سبب نزول سورة الفتح
نزلت سورة الفتح على النبي صلى الله عليه وسلّم في السنة السادسة من الهجرة أثناء عودته صلى الله عليه وسلّم وصحابته من صلح الحديبية، حيث إنّ قريشاً منعته صلى الله عليه وسلّم وصحابته من دخول مكة المكرمة حجاجاً لبيت الله الحرام وتم توقيع صلح الحديبية فيما بينهم على أن يعودوا هذا العام من دون حجٍ ولهم الحج في العام المقبل، كما تمّ الاتفاق على كثيرٍ من البنود الأخرى بينهم والتي تُعتبر نصراً للدين الإسلامي والنظر إلى الدّولة الإسلامية على أنها دولةٌ قويّةٌ؛ حيث إنّ قريشاً طلبت توقيع صلحاً معهم.
كره بعض الصحابة العودة وعدم الحج ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي منطقة كراع الغميم الواقعة بين مكّة المكرمة والمدينة المنورة نزلت آيات سورة الفتح تبشِّر المسلمين بهذا الفتح العظيم، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس). رواه مالك في الموطأ.
آيات سورة الفتح بشّرت المسلمين بالنتائج المرجوّة من الصلح وفوائده التي سيحصدها المسلمون منه، وفي الوقت نفسه وضّحت آثاره على المشركين والمنافقين، وأحوال المتخلّفين عن الصلح وصفات الكفار، وتطرّقت إلى تحقيق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلّم وصفاته.
ووضّحت أيضاً كرامة النبي صلى الله عليه وسلّم عند الله تعالى ومكانته، فقد انفردت عن دون الآيات الأخرى بذِكرِ ما شرّف الله تعالى به سيدنا محمد من غفران ما تقدّم من ذنوبه وما تأخر منها، وهذا الشرف لم ينله أحد من السابقين ولا من الآخرين، ووعْدِه بالمزيد من الفتوحات المتتالية مثل فتح مكة وفتح خيبر وغيرها من الفتوحات؛ فصلح الحديبية كان مُقدِّمةً لكل ما تلاها من فتوحاتٍ، وثنى الله تعالى في آيات سورة الفتح على أهل بيعة الرضوان.
المقالات المتعلقة بالتعريف بسورة الفتح