مدينة القدس مدينة القدس العريقة والعتيقة هي عاصمة فلسطين، تعتبر من أقدم المدن المأهولة بالسكّان على مر التاريخ، وشهدت أرضها العديد من الحضارات التي استوطنت تلك الأرض تباعاً، لتضع كل حضارة بعضاً منها في روح المدينة واسمها قبل أن تمضي، لتحلّ محلها حضارة أخرى.
أطلق على المدينة العديد من الأسماء على مرّ التاريخ، والتي أطلقها عليها سكّانها في كلّ حقبةٍ زمنيّة، حيث إنّ كل حضارةٍ مرّت على المدينة أطلقت عليها اسماً من لغة ساكنيها.
أقدم اسم أطلق على مدينة القدس كان الكنعانيّون هم أوّل من استوطن أرض فلسطين على الإطلاق، وأطلقوا على مدينة القدس اسم (أور سالم) مدينة السلام الذي يعتبر أقدم اسمٍ للمدينة، وقد سميت المدينة بهذا الاسم نسبةً لمؤسسها أو إله السلام عند الكنعانيين (سالم أو شالم _ شاليم)، كلمة أور هي مفردةٌ سومريّة وتعني (مدينة)، حيث تمّ ذكرها من قبل الأكّاديين باسم (أوروسالم)، وجاء اسم المدينة في أحد النقوش المصريّة القديمة العائد للقرن التاسع عشر قبل الميلاد على هذا النحو (aushamem)، وجاء ذكر المدينة في التوراة التي تلفظ باللغة العبريّة على هذا النحو (يروشالايم)، وورد ذكرها عند اللاتين واليونانيين باسم (hierosolyma)، أما الغرب في العصر الحديث فيلفظون اسم المدينة على هذا النحو (jerusalem)، يلاحظ في كلّ ما ذكر أن جميع التحريفات للاسم جاءت مشتقّةً من الاسم الأوّل الذي أطلقه الكنعانيّون على المدينة (أورسالم).
قال الأعشى:
وقد طفت للمال آفاقه
دمشق فحمص، فأورسلم
أسماء أخرى قديمة للمدينة - يبوس: بعد أن أغار اليهود على فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أطلق يوشع اسم يبوس على المدينة نسبةً إلى اليبوسيين، واليبوسيّون هم من بطون العرب الأوائل من سكّان الجزيرة العربيّة، وقد كانوا أنفسهم السكان الأقدمين للمدينة، حيث إنّ الموقع الجغرافي للمدينة جعلها مأهولةً منذ فجر تاريخ الإنسان، وقد عرفت المدينة قبل قدوم النبي إبراهيم عليه السلام على أرض فلسطين.
أطلق اليهود اسم يبوس على المدينة لتحذير قومهم من قوّة أهلها وشدتهم، وبقيت المدينة صامدة وعصيّة عليهم حتى جاءها النبي داود عليه السلام قادماً من
مدينة الخليل التي حكمها لمدة سبعة أعوام.
- إيلياء: ورد اسم إيلياء عام مئةٍ وخمسة وثلاثين للميلاد، وقد أطلقه على المدينة الإمبراطور الروماني (هدريان)، حيث إنّ إيلياء هو اسم عائلة الإمبراطور ويقال إنه اسم جدّه.
بقي اسم إلياء شائعاً حتى بداية الفتوحات الإسلاميّة، وقد ورد هذا الاسم في كتاب الفتح لابن حجر حيث قال: (لبيت المقدس عدّة أسماءٍ تقرب من العشرين، ومنها إيلياء بالمدّ والقصر وبحذف الياء الأولى)
- بيت المقدِس (المقدَّس): وتلفظ بيت المقدِس أو المقدَّس أي المطهّر، وهو مكان التطهّر من الذنوب.
- بيت إيل: هو أحد الأسماء التي اندثرت بعد الفتوحات الإسلاميّة، وبيت إيل هو اسم من الإسرائيليّات التي لم يعرف المفسرون والعرب مكانها لجهلهم بقرى وجغرافيا فلسطين.
جاء ذكر بيت إيل في الكتاب المقدّس العهد القديم على أنها بعيدة عن بيت المقدس، حيث تقع على بعد ثلاثة أميال من مدينة البيرة في قضاء رام الله، وكان يطلق عليها سابقاً اسم (لوز)، حيث جاء في التوراة أنّ يعقوب قد بنى فيها بيتاً للرب.ومن هنا جاء قول العرب والمفسرين إنّ بيت إيل هو أحد الأسماء التي أطلقت على مدينة القدس، وتحديداً ما ذكره (الشيخ الصابوني) على أنها أحد أسماء المدينة بعد وقوعه في حبائل الروايات الإسرائيليّة، وقال في نقله في كتاب (النبوّة والأنبياء على ما جاء في القرآن والأحاديث الصحيحة) لقصّة يعقوب أنّ بيت إيل هو بيت المقدس، وتعتبر هذه الغلطة كبيرة لأنه لا دليل لديه إلا ما وصل إليه من الروايات الإسرائيليّة.
- القدس: الاسم القديم الحديث للمدينة، حيث ظهر هذا الاسم إبان العصر الأموي، وقد جاء هذا الاسم في إحدى قصائد أبي العلاء المعرّي حيث قال:
واخلع حذاك إذا حاذيتها ورعاً كفعل موسى كليم الله في القدس