بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من حَجة الوداع رجع إلى المدينة المنورة، فأقام بقية ذي الحجة و محرم وصفر، ثُمّ ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي كان سبباً في موته، وفي فترة مرضه أرسل بعث أسامة بن زيدٍ رضي الله عنه إلى البلقاء، واضُطر للخروج على الناس عاصباً رأسه وهو في مرضه للردّ على المنافقين الذين طعنوا في إمارة أسامة، وعندما اشتد الوجع بالرسول صلى الله عليه وسلم، دعا نساءه واستأذنهنّ أنْ يُمرّض في بيت عائشة رضي الله عنها؛ فأذنّ له.
عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من الحُمى الشديدة لعدة أيامٍ؛ حيث كان إلى جواره قدحٌ به ماءٌ، يغمس فيه يده، ثم يمسح وجهه بالماء ويقول: "اللهمَّ أعني على سكرات الموت" (رواه الترمذيّ والنسائيّ)، وفي هذه الأثناء أمر أبو بكر الصِّديق أن يُصلي بالناس، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد الخروج يساعده ويستند إلى كلٍ من: الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالبٍ رضي الله عنهما، ومن وصيته صلى الله عليه وسلم في سكرات الموت الحفاظ على الصلاة وما ملكت أيمانكم.
موت رسول الله صلى الله عليه وسلمخرج الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر على أصحابه وهم يُصّلون، ووقف على باب بيت السيدة عائشة، ففرح المسلمون وهم في صلاتهم وكادوا ينسون أنّهم في الصلاة؛ لولا إشارة الرسول لهم أنْ أثبتوا، ثُمّ اعتلت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتسامةٌ سروراً بهم وبهيئتهم في الصلاة، ثُمّ عاد الرسول إلى حجرته وظنّ الناس أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد شُفي من مرضه وتعافى ممّا ألمّ به، لدرجة أنّ أبا بكرٍ خرج إهله بالسُّنح، ولكن إرادة رب العالمين شاءت شيئاً آخر فحين اشتد وقت الضُّحى من ذلك اليوم خرجت روحه الطاهرة صلى الله عليه وسلم من جسده الطّاهر إلى الرَّفيق الأعلى وكان ذلك في يوم الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول في العام الحادي عشر للهجرة الشّريفة.
بموت الرسول صلى الله عليه وسلم كثُر كلام المنافقين ولغطهم وقولهم أنّ محمداً لم يمتْ ولكنّه سيغيب أربعين يوماً كما حدث مع موسى عليه السَّلام، وخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناّس ليهدئ من روعهم ويوحد القلوب حتى جاء أبو بكرٍ الصِّديق ودخل إلى حجرة ابنته عائشة وكشف الغطاء عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقبّله ثُمّ خرج للناس، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه ثُمّ قال:"أيها النّاس، إنّه من كان يعبد محمداً؛ فإنّ محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله تعالى؛ فإنّ الله حيّ لا يموت"، ثُمّ تلا قوله تعالى:"وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرُّسل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين"، وبهذه العبارات الموجزة تمّ الإعلان رسميًّا عن وفاة سيّد البشر وخاتم النبيين وإمام المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.
قبر الرسول صلى الله عليه وسلمتُوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وقد بلغ من العمر ثلاثاً وستين عاماً يوم الإثنين ودُفن ليلة الأربعاء وبقي مسجىً على حالته تلك حتى اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة واجمعوا أمرهم على تنصيب أبو بكر خليفةً للمسلمين، ثُمّ غُسِّل الرسول وكُفِن في ثلاثة أثوابٍ، وصلى عليه جموع المسلمين أفواجاً أفواجاً الرِّجال فالنساء فالصبيان فالعبيد، ودُفِن في موضعه في حُجرة السيدة عائشة رضي الله عنها رأسه للغرب ورجلاه للشرق ووجهه للقبلة.
عندما جاءت توسعة الحرم النبويّ تمّ ضمن حجرات زوجات الرسول ومن ضمنها قبره الشريف إلى داخل حدود الحرم النبويّ، ويتوجه المعتمرون والحجاج إلى زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والسَّلام عليه.
المقالات المتعلقة بأين يقع قبر الرسول عليه الصلاة و السلام