كانَ العالم في الفترة التي أعقبت بعثة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام بقرون يعيشون في ظُلمةٍ بهماء، وذلك بسبب تحريف دين التوحيد الذي جاء به المسيح بن مريم عليه السلام، وكانَت مكّة أرض التوحيد؛ حيث بيت الله الحرام، قد انتشرَ فيها الشرك وعبدَ الناس من دون الله آلهةً أُخرى، أصناماً لا تضُرُّ ولا تنفع، فكانت الأصنام تُعبد حول الكعبة وفي البيت الحرام، فأيٌّ كُفرٍ بعد هذا وأيُّ تعدٍّ على دين الله في أقدس بيوت الله وأعظمها حُرمة!.
وفي ظلِّ الجاهليّة الصمّاء العمياء التي كانَ يعيشها العالم أراد الله للنور أن ينتشر وينولد، وأراد أن يكون هذا النور في نبيّ الهُدى مُحمّد صلّى الله عليهِ وسلّم، فتبدّد الظلام الدامس ببعثة المُصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد كانَ مولدهُ عليه الصلاة والسلام في عام الفيل من الثاني عشر من ربيع الأول في يوم الإثنين، وقد كانَ عليه الصلاة والسلام يُعرف بالصادق الأمين في قومه قبل البعثة.
ومِن نضارة قلبه ونور بصيرته التي أراد الله له فقد عزَفَ عن مجالس قومه من اللهو والمُجُون والكُفر، وكانَ يخلو بنفسهِ في إحدى كهوف مكّة وهو غار حراء، وهذا الغار هو كهفٌ يقع في إحدى جبال مكّة وهوَ جبل النور، وفي هذا الموضوع سنتحدّث عن جبل النور وأين يقع.
أين يقع جبل النوريقع جبل النور في مكّة المكرّمة من الجهة الشمالية الشرقيّة للمسجد الحرام، ويرتفع قرابة642 متراً فوق مستوى سطح البحر، ويبعد الجبل عن المسجد الحرام حوالي 4 كم تقريباً، وسبب تسمية الجبل بهذا الاسم -جبل النور- عائدٌ إلى النور الذي سطَعَ منه، وهو نور الرسالة السماويّة التي نزلت على رسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم في غار حراء، وهذا النور هو نور الوحي ونور القرآن؛ حيث كانَ رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم يُحبّ الخلوة والتعبّد والتفكّر في ملكوت الله، وكانَ يمكث الليالي الطوال مُقبلاً على النظر والخلوة التي هي أساس النظر في الخلق ومعرفة الخالق.
ومن القصص في ذلك، حين كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم في إحدى الليالي في جبل النور حيث غار حراء، إذ أقبل عليهِ الروح القُدُس جبريل عليه السلام فقال لهُ اقرأ، فقال لهُ رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم ما أنا بقارىء، فأعاد جبريل عليه السلام عليه ثلاث مرّات، وفي كُلِّ مرّة كانَ رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم يقولُ لهُ ما أنا بقارئ، حتّى ضمّهُ جبريل عليهِ السلام ضمّةً شديدة وقال له: اقرأ باسم ربّك الذي خلق إلى آخر سورة العلق، ومن هُنا اكتسّبَ جبل النور هذا الإسم لأنَّ نور الإسلام قد سطَعَ منه وكانت منهُ بداية الرسالة؛ فهوَ جبلٌ يقعُ في مكّة المكرّمة بالقرب من المسجد الحرام، وهذا من حيث المكان الماديّ، ويقُعُ أثرهُ معنويّاً في قلب كُلِّ مُسلم وموحّد.
المقالات المتعلقة بأين يقع جبل النور