تُشكّل أجهزة جسم الإنسان المُختلفة نظاماً مُتكاملاً من العمل للقيام بوظائف الجسم المُختلفة، لكن يبقى الجسم بحاجةٍ لتنظيمٍ وتناسق نشاطاته المُختلفة معاً ليبقى بحالةٍ طبيعيّةٍ، ويقوم بهذه الوظيفة الغدد الصمّاء المُختلفة في جسم الإنسان، والتي تُفرز هرموناتٍ عديدةً يقع على عاتقها تنظيم نشاطات الجسم المُختلفة، وإعطاء الأوامر لتفعيل أو تثبيط عمل الأعضاء الأُخرى. وفي حال حدث أيّ خللٍ في أحد الهرمونات المُهمّة في الجسم يختلّ توازن جسم الإنسان، وتُصيبه الأمراض المُختلفة. ومن هذه الغُدد المُهمّة في جسم الإنسان البنكرياس.
البنكرياسالبنكرياس (بالإنجليزية:Pancreas) هو أحد الغدد الصمّاء بالغة الأهميّة في جسم الإنسان، ويقوم بإحدى أهمّ وظائف التّنظيم الموجودة داخل جسم الإنسان، والتي لديها تأثيرٌ مزدوجٌ؛ حيث تُعتبر غدّة صمّاء تُفرز هرموناتها مُباشرةً في مجرى الدّم، كما تُعتَبر أيضاً غدّةً خارجيّةَ الإفراز؛ بحيث تُفرز عصارة البنكرياس المُحتوية على الإنزيمات الهاضمة.[١] يتألّف البنكرياس من أربعة أقسام، وهي الرّأس، والعنق، والجسم، والذّيل.[٢]
أصل كلمة البنكرياس إغريقيّ، بحيث جاءت بمعنى اللّحم، وسُمّيت بهذا الاسم نسبةً إلى شكلها المُتجانس والشّبيه باللّحم.[٣] أمّا في اللّغة العربيّة فقد سمّوها بالمُعَثْكَلَة، وذلك لشكلها الشّبيه بالعثكال أو العثكول والتي تعني التجمّع أو العنقود، كعنقود العنب، والعنقود النّاتج من تجمّع التّمر الموجود على النّخلة.
موقع البنكرياسيبلغ طول البنكرياس في جسم الإنسان 15سم، وعرضه يتراوح بين 2 إلى 7 سم، ويقدّر وزنه بسبعين غراماً، أما بالنّسبة إلى شكله الخارجيّ فهو ناعم، وطريّ، وأملس ومُفصَّص، ويمتدّ بشكلٍ عرضيّ. يقع خلف المعدة مُباشرةً، أي في الجزء الخلفيّ من منطقة البطن. رأس البنكرياس يتّجه نحو الجانب الأيمن من البطن، ويرتبط بالاثني عشر (القسم الأوّل من الأمعاء الدّقيقة) من خلال أنبوبٍ صغيرٍ يُسمّى قناة البنكرياس. أما ذيل البنكرياس يُصبح أضيق من الرّأس وهو يمتدّ نحو يسار البطن.[٤]
وظيفة البنكرياسللبنكرياس وظائفُ مُهمّةٌ جدّاً في جسم الإنسان يُمكن تقسيمها لمَهمَّتين رئيستين؛ فالبنكرياس في الواقع هو جُزئَين من الغدد مُتّحدان معاً بجهاز واحد، يتكوّن الجزء الأكبر من البنكرياس من خلايا إفرازيّة تُنتج إنزيماتٍ من خلايا عُنيبيّة للمُساعدة على هضم الطّعام، هذه الخلايا الإفرازيّة تُطلق إنزيمات خاصّةٍ بها في سلسلةٍ من الأنابيب التي يزيد قطرها تدريجيّاً وتُسمّى بالقنوات، تنضمّ هذه القنوات معاً في نهاية المَطاف لتشكيل قناة البنكرياس الرئيسيّة. تُطلَق الإنزيمات المُنتَجة من البنكرياس داخل الاثني عشر أوّل أقسام الأمعاء عبر قناة البنكرياس.
الوظيفة الثّانية للبنكرياس هي غدّة صمّاء تُفرز الهرمونات؛ فالبنكرياس يتكوّن من جُزُر صغيرة تُسمّى جزر لانغرهانس؛ وهي خلايا إفرازيّة تُفرز الهرمونات لكنّها لا تُطلقها في قناة البنكرياس، بل تقوم بإطلاقها في مجرى الدّم. ومن الهرمونات التي تقوم البنكرياس بإفرازها هما هرمون الإنسولين الذي يُحفّز الخلايا على هضم السُكريّات لتحوليها إلى طاقةٍ وبالتّالي تخفيض مُستوى السُكّر في الدّم، وهرمون الغلوكاغون الذي يزيد مُستوى السكّر في الدّم عند الحاجة إلى ذلك، كما أنّه يُفرز العُصارة البنكرياسيّة المُحتوية على الإنزيمات الهاضمة إلى الاثني عشر، والتي تهضم أنواعاً مُختلفةً من الأطعمة المُحتوية على البروتينات والدّهون والكربوهيدرات؛ ليُسهّل امتصاصها من قِبَل الأمعاء.[١]
اختلال توازن البنكرياسقد تحدث التهاباتٌ وأورامٌ مُختلفةٌ في جسم البنكرياس، ممّا يُؤثّر سلباً على وظائف الجسم الهامّة. قد يُؤدّي التهاب البنكرياس إلى زيادةٍ غير طبيعيةٍ في إفراز الإنزيمات الهاضمة في داخل البنكرياس بدلاً من الأمعاء، وقد تتفاقم حالة المريض ممّا يُسبّب حالةً من الإسهال أو هضمٍ غير كاملٍ للمواد الغذائيّة، وإذا امتدّت الأورام والالتهابات إلى جزر لانغرهانس قد يُسبّب بارتفاع نسبة السُكّر بالدّم للمرضى.
سرطان البنكرياسيمتاز سرطان البنكرياس بسرعة انتشاره، ولكنّه نادر الحدوث أيضاً. وقد لا تكون له أسبابٌ مُعيّنةٌ لحدوثه، لكن قد تُساعد بعض العوامل على حدوثه، كالتّدخين، والسُّمنة، والوراثة، والتهابات البنكرياس المُزمنة. وأعراض إصابة الإنسان بهذا المرض اصفرارُ الجلد والعينين، وآلامٌ في أعلى البطن، وتبوُّل ذو لونٍ غامقٍ جدّاً، وبراز شاحب، وغثيان وإرهاق، وفقدان الشهيّة والوزن. لكن هذه الأعراض لا تظهر في بداية حدوث السّرطان، لذلك تُعتبر علاماتٌ مُتأخّرةٌ من المرض.[٥]
للوقاية من مرض سرطان البنكرياس أو حتّى للوقاية من الاختلالات في الهرمونات النّاتجة عن البنكرياس يُنصح بالتوقّف عن التّدخين، ومُمارسة الرّياضة بشكلٍ دوريّ، والمُحافظة على الوزن الصحيّ والمُناسب للجسم، والابتعاد عن الأطعمة الدُهنيّة والسّريعة، واللّجوء لنظام غذائيّ صحيّ طبيعيّ فيه نسبةٌ عاليةٌ من المُكوّنات الخضراء. وقد يُؤدّي زيادة حجم السّرطان في خلايا البنكرياس إلى مُضاعفاتٍ صحيّة خطيرة؛ كانسداد الأمعاء، وفقدان كتلةٍ كبيرة من الجسم، وآلامٍ حادّةٍ بالبطن، وقد تُؤدّي للوفاة أخيراً.
يتعامل الأطبّاء مع المرض حسب درجة انتشاره في البنكرياس؛ فقد يلجأ الأطبّاء لاستئصال جزءٍ مُعيّنٍ من البنكرياس المُصاب في حال لم ينتشر السّرطان لأجزاءٍ أُخرى من الجسم، وقد يتمّ اللّجوء للمُعالجات الإشعاعيّة أوالكيميائيّة. وقد يُستخدَم الطبّ البديل في علاجه، كالوخز بالإبر، والتأمّل، والتّدليك.[٦]
المراجعالمقالات المتعلقة بأين يقع البنكرياس في جسم الإنسان