واقع المسلمين مع تطبيق الإسلام من ينظر إلى واقع المسلمين في العصر الرّاهن بكلّ ما فيه من التّناقضات والتّحديات يدرك إدراكًا عميقًا بُعدَ الأمّة الإسلاميّة عن تعاليم دينها وأحكامه، فعلى الرّغم من أنّك ترى المسلمين يرتادون المساجد ويؤدّون الصّلاة فيها باستمرار، كما يحرصون على إقامة الشّعائر الإسلاميّة في رمضان والعمرة والحجّ، إلاّ أنّ الإسلام لا تراه بمنهجه الشّمولي الذي جاء للتّطبيق في جميع جوانب حياة النّاس الاقتصاديّة والسّياسيّة والاجتماعيّة، فالله سبحانه وتعالى بعث النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام بالشّريعة الكاملة الشّاملة التي تصلح للتّطبيق في جميع الأزمان ومهما اختلفت الظّروف والأحوال، وما كانت أحكام هذا الدّين وتعالميه إلاّ لتحقّق السّعادة والطّمأنينة للبشر؛ فالله المشرّع سبحانه هو أعلم بما يصلح للبشر في حياتهم ومآلهم.
مظاهر ابتعاد المسلمين عن الإسلام ولا شكّ في أنّ مظاهر ابتعاد المسلمين عن تعاليم الإسلام تظهر في جوانب كثيرة من جوانب الحياة، ومن أبرز تلك الجوانب نذكر:
- الجانب الاقتصادي، فالشّريعة الإسلاميّة اشتملت على منهجٍ شاملٍ كامل يعالج جميع جوانب العمليّة الاقتصاديّة، كما وضع الإسلام الضّوابط التي تنظّم تلك العمليّة مثل التّأكيد على حقّ الفرد في التّملك والتّصرف بأمواله، وتحريم الرّبا وأكل أموال النّاس بالباطل، وتحريم الميسر والقمار بجميع أشكاله، بينما يدرك النّاظر في أحوال المسلمين كيف ينغمس النّاس في جمع الأموال وكسبها بطرقٍ غير مشروعة مستخدمين أدوات حرّمتها الشّريعة الإسلاميّة، فالدّين الإسلامي حينما حرّم الرّبا لم يحرّمه إلاّ بسبب آثاره الضّارة بالمجتمع حيث يؤدّي إلى الشّجع وأكل أموال النّاس بالباطل، كما يؤدّي تعامل النّاس بالرّبا إلى تعطّل الحياة الاقتصاديّة بانشغال النّاس عن التّجارة والكسب المشروع إلى وضع الأموال في البنوك مقابل فوائد ربويّة زهيدة.
- الجانب الاجتماعي، فنحن نلمس في مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة الكثير من الظّواهر الاجتماعيّة السّلبيّة التي تدلّ على ابتعاد النّاس عن تعاليم دينهم الإسلامي الحنيف، ومن بين تلك المظاهر ظاهرة العنف المجتمعي المنتشرة في مدننا وجامعاتنا، والسّلوكيّات الخاطئة في مجتمعاتنا من إساءة للجار وتنافس غير مشروع، وتناجش في البيع والشّراء، وتعدّي على الطّرقات والمرافق العامّة، وعدم توقير الصّغير للكبير، وغير ذلك الكثير من المظاهر التي تخالف تعاليم الدّين الإسلامي التي تحثّ على التّعاون والمحبّة والأخوّة والتّكافل بعيدًا عن البغضاء والتّشاحن.
- الجانب السياسي، فالمنظومة السّياسيّة التي ترتكز عليها أغلب أنظمة الحكم في الدّول الإسلاميّة بعيدة كلّ البعد عن تعاليم الدّين الإسلامي، فالحدود التي وضعها الله تعالى معطّلة، ونظام الشّورى الذي هو عماد الحكم في الإسلام غائب.
- الجانب الأخلاقي، فقد ابتعد المسلمون عن كثيرٍ من الأخلاقيّات التي حثّت عليها الشّريعة الإسلاميّة، وكثرت فيهم الآفات السّلوكيّة مثل الحسد والغيرة والكذب والغيبة والنّميمة، فهلّا عاد المسلمون إلى دينهم وقيمه حتّى يعودوا أعزّة كما كانوا؟