لقد سعى الإنسان منذ بداية وجوده إلى البحث والتأمل والتفتيش عن وسائل حتى يستطيع العيش وتدبير أمور الحياة. والبحث هو جمع المعلومات الخاصة بمجال معين، ولا يقتصر على العلوم الطبيعية بل يشمل أيضاً العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تسهم في حل مشكلات المجتمع. وقد كان أسلافنا العرب هم أوّل الناس في مجال البحث ووضع نظريات علمية بقيت إلى يومنا هذا تدرّس في المدارس والجامعات. والبحث العلمي لم ينشأ عند الغرب كما يعتقد البعض بل نشأ عند العرب في فترة ازدهار الحضارة الإسلامية، لذلك نجد أنّ معظم النظريات العلمية والطبية المختلفة يكون مكشتفها عالماً عربياً في الأساس ثم تطوّرت مع الوقت.
إذا ربطنا بين البحث والعلم نجد أنّه أصبح ضرورة من ضرورات الحياة لأنّ العلم بحر لا ينتهي، فإذا افترض الإنسان أنّه وصل إلى كلّ العلم الموجود في الكون فانّه حتماً سيصاب بالجهل، بل يجب الاستمرار بالبحث واكتشاف الحقائق وتطبيق ما يمكن تطبيقه لتحقيق الفائدة للمجتمع، بل وربما تطوير بعض النظريات القائمة منذ مئات السنين أو تصحيح بعض الأخطاء فيها. والبحث العلمي من أهم وسائل تطوير مهارات الطلاب سواء كانوا بالمدارس أو بالجامعات، فهو يعطي الإنسان القدرة على اكتشاف آفاق علمية جديدة لربما تتطور أكثر ليصبح هذا الطالب عالماَ أو باحثاً يفيد مجتمعه بما يقدمه من معلومات تهمه. ومن المهم في البحث العلمي تحرّي الدقة والبحث في مجالات موضوعية ومنطقية بعيدة عن الخيال الذي يبنى على أسس غير علمية والتي لا تهم المجتمع في شيء، لهذا كله كان لا بدّ من وضع منهاج لتعليم البحث العلمي يدرس في المدارس والجامعات حتى يتخرج جيل من الطلاب قادر على نشر العلم والمعرفة كلٌ حسب تخصصه.
أهداف البحث العلميللبحث العلمي أهداف تتلخص في التوقّع، والشرح، والتفسير، والتحقّق، والتصحيح. فالتوقّع يكون عن طريق أخذ معلومة معينة عن نظرية وتوقّع ما يمكن أن يحصل لهذه النظرية مستقبلاً تبعاً للتطور الحاصل في ذلك المجال. وهناك أبحاث يكون هدفها شرح ظاهرة علميّة أو اجتماعيّة معينة واكتشاف حقائق جديدة لهذه الظاهرة وشرحها عن طريق جمع المعلومات اللازمة لها، أمّا التفسير فيتمثل في البحث عن ظاهرة معينة وتفسير كيف ولماذا تحدث هذه الظاهرة مع وضع استنتاجات توضح جميع جوانب هذه الظاهرة. والتحقق يكون عن طريق أخذ دراسة قام بعملها باحث معين ويأتي باحث آخر وباستخدام الوسائل اللازمة يتحقق من صحة هذه الدراسة عن طريق تطبيقها، فان كانت صحيحة يمكن نقل هذه الدراسة إلى مجتمع آخر تعود بالنفع عليه، ونأتي إلى التصحيح من خلال التأكد من حقيقة المعلومة وإضافة ما يمكن أن يجعل هذه المعلومة أكثر دقة من خلال استخلاص نتائجها.
إنّ البحث العلمي له مجالات عديدة لا يمكن حصرها فمنها ما يتم عن طريق الكتب والمصادر والمراجع، ومنها يتم عن طريق التطبيق لبعض النظريات، ولكل باحث طريقة في تحضير بحثه وهناك مؤسسات متخصصة في هذا المجال، ولكن المهم أن يتحرى الباحث الدقة والموضوعية والأخلاق السامية حتى لا يعطي معلومات خاطئة تعود بالضرر على غيره.
المقالات المتعلقة بأهمية البحث العلمي وأهدافه