لا تكن بما نلت من دنياك فرحاً، ولا لما فاتك منها ترحاً ولا تكن ممن يرجو الأخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل من شغلته دنياه خسر آخرته. القلب يمرض كما يمرض البدن ، وشفاؤه في التوبة والحمية ، ويصدأ كما تصدأ المرآة ، وجلاؤه بالذكر ، ويعرى كما يعرى الجسم ، وزينته التقوى ، ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن ، وطعامه وشرابه المعرفة ، والتوكل والمحبة والإنابة. قال لقمان لإبنه: يا بني ، لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إجلسوا إلى التوابين فإنهم أرق أفئدة. ما أحلى إسم الله التواب ! يعطي المذنب أملاً ليبدأ من جديد ويخرجه من دائرة الإحباط. لا شيء أنجع من توبة. ترك الخطيئة خير من معالجة التوبة. يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّى أَتُوبُ فِى الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ. التأني في كل شيء حَسَن إلا في ثلاث خصال : عند وقت الصلاة ، وعند دفن الميت ، والتوبة عند المعصية. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ. التوبة عودة العقل ، وقلب إرادة من الخطأ إلى الصواب ، ومن السفه الى الرشد ومن الجهل إلى الحكمة ومن الكبوة الى النهضة ، ومن الموت الى الحياة. إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. من ندم فقد تاب ، ومن تاب فقد أناب. مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ. التوبة إسم يقع على ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة ولتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية وإذابتها في الطاعة كما ربيتها في المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته. التوبة الإنتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة. التوبة إنتصار كاسح لقوى الخير في الذات ، وتفلت من قبضة الشيطان ، وحبائل النفس الأمارة بالسوء. العجب ممن يهلك ومعه النجاة ، قيل : وما هي؟ قال : الإستغفار. التّوبة بابٌ عظيم تتحقّق به الحسنات الكبيرةُ العظيمة التي يُحبّها الله ، لأنّ العبد إذا أحدث لكلّ ذنبٍ يقع فيه توبةً كُثُرت حسناته ونقصت سيّئاتُه. إن الإعتراف بالخطيئة هو نصف التوبة. التوبة وضع حد لحالة التدهور في مستوى الإنساني عند صاحب المعصية في لحظة من الإنتصار للذات. أتدرون ما الداء وما الدواء والشفاء قالو لا قال : الداء الذنوب . . والدواء الاستغفار . . والشفاء أن تتوب ثم لا تعود. الإعتراف بالخطأ أول خطوة على طريق التوبة. يا من يعلم أنّ بعد الدنيا آخرة ، وأنّ بعد الحياة موتاً، وألا بد من وقفة للحساب ومشية على الصراط ، تُب من الآن ولا تؤجل التوبة إلى غد. يعود العاصي بتوبه صادقة نظيفاً بعد قذارتهِ . . طاهراً بعد رجسهِ ، مرحباً به عند المؤمنين بعد طرده. علامة التوبة : البكاء على ما سلف والخوف من الوقوع في الذنب وهجران إخوان السوء وملازمة الأخيار. من تاب من ذنب وهو لا يزال مقيماً عليه أو يفكر في أن يعود إليه ، فهذا كالمستهزئ بربه والعياذ بالله. إعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم من ثلاثة أمور : علم ، وحال ، وفعل . . فأما العلم فهو معرفة ضرر الذنوب وكونها حجاباً بين العبد وبين كل محبوب ، فإذا وجدت هذه المعرفة ثار منها حال في القلب ، وهي التألم بخوف وفات المحبوب ، وهو الندم ، وباستيلائه يثور إرادة التوبة وتلافي ما مضى ، فالتوبة ترك الذنب في الحال ، والعزم على أن لا يعود ، وتلافي ما مضى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( الندم توبة ) ، إذ الندم يكون بعد العلم. التوبة بعد الفسق تدشين لرحلة الصعود ، والفسق بعد الطاعة تدشين لرحلة السقوط. لا تيأس مهما بلغت أوزارك ولا تقنط مهما بلغت خطاياك .. فما جعل الله التوبة إلا للخطاة و ما أرسل الأنبياء إلا للضالين و ما جعل المغفرة إلا للمذنبين و ما سمّى نفسه الغفار التواب العفو الكريم إلا من أجل أنك تخطئ فيغفر. إن للتوبة روحاً وجسداً . . فروحها إستشعار قبح المعصية وجسدها الإمتناع عنها. التوبة النصوح : ندم بالقلب وإستغفار باللسان وترك بالجوارح ، وإضمار ألآ يعود. أيها القلب المسكين .. أنهكتك بوارق الشهوات .. وأجهدتك قيود السيئات .. ولم تستحي من مولاك في الخلوات .. كلما لآح لك بصيص من نور التوبة آثرت الرجوع إلى الظلمات .. إنتبه أيها القلب العليل .. إنهض من فراش غفلاتك وحطم قيودك وإبكي على ذنوبك واثأر من شيطانك وحاصر سيئاتك .. متى أرى دموع التوبة من مقلتيك تنهمر؟ متى تقوى على كسر القيود وتنتصر ؟ إني لأستبطأ الأيام .. فمتى تزف إليّ جميل الخبر ؟ إني بفارغ الصبر أنتظر!. إن الفضحية عقبة أمام التوبة ومن مزق الأستار التي لفته بها الأقدار فقد مهد لنفسه طريقاً إلى النار. القلب يمرض كما يمرض الجسم . . وشفاؤه بالتوبة . . ويصدأ كما يصدأ المعدن . . وجلاؤه بالذكر . . ويعرى كما يعرى الجسد وزينته التقوى. الإستبداد أعظم بلاء يتعجل الله به الإنتقام من عباده الخاملين ولايرفعه عنهم حتى يتوبوا توبة الأنفة. لا يصدق التوبة إلا من جربها . . أما من لم يجربها فسيظل أسير الصورة الأولى لأنه لم يعرف الثانية.